الآخر أنّه من جزء التركة ، فيقسّم بين الأولاد ، فما زاد عن سهم الولد الأكبر مردّد بين الاختصاص بالأكبر والاختصاص بالأصغر ، وهذه شبهة لا سبيل للعقل إلى حلّها ، لدوران الأمر بين المحذورين ، فأجاب عليهالسلام بأنّه يعمل على طبق مضمون الخبر المجمع عليه ، لأنّه لا ريب فيه ، يعني أنّه طريق ظاهري متّبع لدى العقلاء وإن كان بحسب الواقع ومرحلة الثبوت يحتمل كون حكم الله على طبق مضمون الخبر الشاذ ، ولهذا سمّي الأوّل «لا ريب فيه» يعني ظاهريا وإثباتا ، والثاني بقرينة المقابلة ممّا فيه الريب ، يعني باطنا وثبوتا ، ومن المعلوم أنّ مثل تلك الشبهة التي لا سبيل للعقل فيها ينحصر مرجعها إلى الشرع ، وهذا معنى قوله في تثليث الإمام من أنّ المشكل يردّ حكمه إلى الله ورسوله ، فإنّ معنى المشكل ما لا سبيل إليه وانقطع الطريق إلى علاجه.
وينطبق على هذا أيضا قوله النبي صلىاللهعليهوآله : «وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجى من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم» فإنّ المراد الشبهات بين الحلال البيّن والحرام البيّن ، فينحصر في الشبهة المحصورة وهي الشبهة التي تكون خطريّة.
فالحاصل من مجموع التعليل والتثليثين هو أنّ كلّ شبهة فيها احتمال الخطر بواسطة تحيّر العقل في حكمها وعدم السبيل إلى علاجها لا بدّ من الرجوع إلى طريق ظاهري شرعي إن كان ، وإلّا الاحتياط ، وعلى هذا فالرواية غير مرتبطة بمرام الأخباري والاعتصام في كلّ الأمور بالله الملك الباري.
* * *