يسكران وهما محرمان ، وكذلك قليل الخمر لا يسكر وهو محرم.
فان قالوا : قليل الخمر من الجنس الذي يسكر كثيره ، وليس كذلك الفقاع وأما الدم ولحم الخنزير فليسا من جملة الأشربة ، التي لم تحرم في الشريعة إلا (١) لأجل وجود الإسكار في الجنس.
قلنا : غير مسلم ، لكن علة (٢) الأشربة في الشرع موقوفة على أنها من جنس المسكر.
وعلة التحريم في الحقيقة هي المصلحة ، والله تعالى أعلم بوجهها. وقد حرم الله تعالى الدم ، وهو مما يشرب ، فهو شراب على موجب اللغة وان لم يكن فيه قوة الإسكار بل لعينه. فما المنكر من أن يكون تحريم الفقاع كذلك.
ويمكن أن نعارض خصومنا في تحريم الفقاع ، ونورد عليهم الأخبار التي ترويها ثقاتهم ورواتهم في تحريم الفقاع ، لأنهم يعملون في الشريعة بأخبار الآحاد ، فيلزمهم أن يحكموا بتحريم الفقاع للأخبار الواردة من طرقهم بتحريمه.
فأما ما ورد من طرقنا في تحريمه ، وأنه كالخمر في التحريم ووجوب الحد على شاربه والنجاسة ، فأكثر من أن يحصى ، ولا معنى لمعارضة الخصوم ، لأنهم لا يعرفون هذه الروايات ولا يوثقون رواتها. فالمعارضة برواياتهم له (٣) أولى.
فمن ذلك ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدثنا أبو الأسود ، عن عن أبي ربيعة (٤) ، عن دراج أبي السمح.
__________________
(١) في «ن» لا.
(٢) في «ن» من علة ، والظاهر : كون علة الأشربة.
(٣) في «ن» لهم.
(٤) في هامش النسخة : لهيعة ، وفي «ن» أبى كهينة. والصحيح ما في الهامش.