قبل النبوة هو أنه عليهالسلام لو كان يحسنها وقد نطق القرآن الذي أتى بنفي ذلك عنه عليهالسلام قبل النبوة ، مما (١) جاز له أن يخفى الحال فيه مع التتبع والتفتيش والتنقير ، لان هذه الأمور كلها انما يجوز ان تخفى مع عدم الدواعي إلى كشفها ، ومع الغفلة عنها والاعراض عن تأمل أحوالها.
وأما إذا قويت الدواعي وتوفرت البواعث على كشف حقيقة الحال وتعلق ذلك (٢) دعوى مدع بمعجزة ، فلا بد من الفحص والتفتيش ، ومعها لا بدّ من ظهور حقيقة الحال.
ومن كان يحسن القراءة والكتابة لا بدّ من أن يكون قد تعلمها أو أخذها من موقف ومعرف ، والذين كانوا يحسنون الكتابة من العرب في ذلك الزمان معدودون قليلون ممن (٣) تعلم من أحدهم وكشف عن أمره على طول الأيام ، لا بدّ من ظهور حاله بمقتضى العادة. وهذه الجملة تدل على أنه عليهالسلام ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة.
فإن قيل : فقد وصف الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوآله بأنه أمي في مواضع من القرآن (٤). والأمي الذي لا يحسن الكتابة ، فكيف تقولون أنه عليهالسلام أحسنها بعد النبوة.
قلنا : أما أصحابنا القاطعون على أنه عليهالسلام كان يحسن الكتابة بعد النبوة ، فإنهم يجيبون عن هذا السؤال بأن يقولوا : لم يرد الله تعالى بقوله «أمي» أنه لا يحسن الكتابة ، وانما أراد الله تعالى نسبته إلى أم القرى ، لانه من أسماء مكة «أم القرى». فان كانت هذه النسبة محتملة لأمرين ، لم يجز أن يقطعوا على أحدهما بغير دليل.
__________________
(١) في «ن» لما.
(٢) في «ن» : بذلك.
(٣) في «ن» : فمن.
(٤) سورة الأعراف : ١٥٨.