وإجماع الإمامية حجة على ما بيناه ، فيجب القطع بهذه الحجة على أن الأنبياء أفضل من الملائكة على جماعتهم.
ومن اعتمد من أصحابنا في أن الأنبياء أفضل ، على أن المشاق على الأنبياء من التكليف أكثر ، لأن لهم شهوات تتعلق بالقبيح ونفار عن فعل الواجب ، والملائكة ليسوا كذلك.
فقد عول على غير صحيح ، لأن الملائكة من حيث كانوا مكلفين لا بدّ له من أن يكون عليهم مشقة في التكليف ، لو لا ذلك لما استحقوا ثوابا ، والتكليف لا يشق الا بشهوات تتعلق بها حظر ومنع منه ونفارا (١) يتعلق بالواجبات.
وإذا كان الأمر على ذلك ، فمن أين يعلم بالعقل بأن مشاق الأنبياء أكثر من مشاق الملائكة في التكليف؟ وليس إذا علمنا على طريق الجملة أن الملائكة لا تتعلق شهواتهم بالأكل والشرب والجماع ، فيكونوا ملتذين ، وآملين بما يرجع الى هذه الأمور أحطنا علما بسائر ما يلتذون ويأملون (٢) معه من ضروب المدركات ولا (٣) يسع التكليف من أن يكونوا ممن يلتذ ويألم ببعض ما يدركونه ، ولو لا ذلك لما استحقوا ثوابا ولا كانوا مكلفين.
وقد أملينا مسألة مفردة في تفضيل الأنبياء على الملائكة واستقصيناها للموافق والمخالف في ذلك ، وأجبنا عن الشبهات التي قد عول عليها مخالفونا بما أوضحنا وأشبعناه.
ومن أوكد ما تعلقوا به قوله تعالى حكاية عن إبليس مخاطبا لادم وحواء عليهماالسلام (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا
__________________
(١) ظ : نفار.
(٢) في «ن» : يألمون.
(٣) في «ن» ولا بد مع التكليف ممن يكونوا ممن يلتذ بألم ببعض ـ إلخ.