بر وبحر وسهل وجبل حتى ميّزتم أقوالهم ومذهبهم ، اما بأن لقيتموهم ، أو بأن تواترت عنه (١) إليكم الاخبار بمذاهب ، ومعلوم بعد هذه الدعوى عن الصحة.
قلنا : قد أجبنا عن هذه المسألة بما فرغناه واستوفيناه ، وجعلناه كالشمس الطالعة في الوضوح والجلاء في مسائل سألنا عنها أبو عبد الله محمد بن عبد الملك البتان (رحمهالله) مقصور على أخبار الآحاد وطريق العلم بالآحاد ، أجهد فيها نفسه وتعب بها عمره ، وما قصر فيما أورده من الشبهة.
فالجواب عن هذه المسائل موجود في يد الأصحاب (أيدهم الله) وهو يقارب مائة ورقة.
وإذا اطلع عليه عرف منه الطريق الصحيح الى العلم بأحكام الشريعة على مذاهب أصحابنا ، مع نفيهم القياس والعمل بأخبار الآحاد ، ووجد في جواب هذه المسائل من تقرير المذهب وتاليه ، والجمع بين أصوله وفروعه ما لا يوجد في شيء من الكتب المصنفة.
ثم لا نخلو السؤال الذي ذكره من جواب على كل حال ، فنقول : هذه الطريقة المذكورة في السؤال هي طريقة من نفى إجماع الأمة ، وادعى أنه لا سبيل الى العلم بإجماعها على قول من الأقوال ، مع تباعد الديار وتفرق الأوطان وفقد المعرفة بكل واحد منهم على التعيين والتمييز.
وقد علمنا مع طول المجالسة والمخالطة وامتداد العصر واستمرار الزمان تقدر مذاهب المسلمين وحصر أقاويلهم ، وفرقنا بين ما يختلفون فيه ويجتمعون عليه ، ومن شكّكنا في ذلك كمن شكّكنا في البلدان والأمصار والاحداث العظيمة التي يقع بها العلم ويزول الريب فيها بالأخبار المتواترة.
__________________
(١) ظ : عنهم.