المرافق ابتداء.
قلنا : أما لفظة «الى» فقد تكون في اللغة العربية بمعنى الغاية وبمعنى «مع» ، قال الله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(١) أراد مع أموالكم ، وقال تعالى حكاية عن عيسى عليهالسلام (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ)(٢) أراد مع الله ، ويقولون : ولي فلان الكوفة إلى البصرة ، ولا يريدون غاية بل يردون ولي هذا البلد مع هذا البلد.
وقال النابغة الذبياني :
ولا تتركني بالوعيد كأنني الى |
|
الناس مطلي به القار أجرب |
أراد مع الناس أو عندهم. وقال ذو الرمة :
بها كل خوار الى كل صولة |
|
ورفعي المدى عار الترائب |
أراد مع كل صولة ، وقال امرؤ القيس :
له كفل كالدعص لبده الندى |
|
الى خارك مثل الرياح المنصب |
أراد مع خارك.
فان قيل : فهذا يدل على احتمال لفظة «الى» بمعنى الغاية وغيرها ، فمن أين أنها في الآية لغير معنى الغاية.
قلنا : يكفي في إسقاط استدلالكم بالاية المحتملة لما قلناه ولما قلتموه ، فهي دليلنا ودليلكم. وبعد فلو كانت لفظة «الى» في الآية محمولة على الغاية ، لوجب أن يكون من لم يبتدأ بالأصابع ونيته الى المرافق عاصيا مخالفا للأمر ، وأجمع المسلمون على خلاف ذلك.
وإذا حملنا لفظة «الى» على معنى «مع» صار تقدير الكلام : فاغسلوا أيديكم مع المرافق ، وهذا هو الصحيح الذي لا يدفعه إجماع ولا حجة ، كما قلنا فيمن حمل ذلك على الغاية.
__________________
(١) سورة النساء : ٢.
(٢) سورة آل عمران : ٥٢.