فما في أولئك محتج ، ولا من يعرف الحجة ، ولا كتبهم موضوعة للاحتجاجات.
فإنك بعد هذا لا تجد موضعا شهد بصحة دعواك ، لأن أصحابنا إنما جرت عادتهم بأن يحتجوا على مخالفهم في مسائل الخلاف التي بينهم ، اما بظواهر الكتاب والسنة المقطوع بها ، أو على سبيل المناقضة لهم والاستظهار عليهم ، بأن يذكروا أن أخبارهم التي رووها ـ أعني مخالفيهم ـ وأقيستهم التي يعتمدونها تشهد عليهم على الطريقة التي بينتها وأوضحتها في كتاب «مسائل الخلاف».
فأما أن يحتجوا عليهم بخبر واحد ترويه الشيعة الإمامية متفردة به ولا يعرفه مخالفوها ، فهذا عبث ولغو لا يفعله أحد ولا يعاطي مثله.
وإذا كانوا يحتجون على مخالفيهم ، ولم يكن مع مخالفيهم الاحتجاج (١) بأخبار آحادهم ، ففي أي موضع ليت شعري احتجوا بأخبار الآحاد؟ وما رأينا أحدا من مصنفي أصحابنا المتكلمين ذكر وجوه جميع مذاهبه في أحكام الشريعة ، كما فعل كثير من مخالفينا من الفقهاء.
فيمكن أن يقال : انه ذكر بعض اخبار الآحاد على هذا الوجه ، وهذا كله تعلل بالباطل ، والرجوع الى المعلوم المشهور أولى من غيره.
فأما قوله : ان الجعفرين ومن جرى مجراهما ممن أنكر العمل بأخبار الآحاد قد عمل بها وعول عليها. فهو أيضا سوء ظن وثناء على هؤلاء القوم الذين ـ وان كانوا مخالفين في بعض المذاهب بالشبه ـ فلا يجوز أن تريد بهم بالغفلة والبله أو العناد ـ وهذا مختصر مستصغر في جب (٢) رمي علماء الشيعة بمثله.
فأما قوله في خلال هذا الفصل : ان المعول عليه في الاحتجاج بالإجماع على الفرقة التي يكون المعصوم من جملتها ، دون الفرقة التي هو عليهالسلام
__________________
(١) ظ : الا الاحتجاج.
(٢) ظ : جنب.