وأي شاهد على خوف هارون عليهالسلام آكد من هذا ، ومع ذلك فلم يهمل ما تقدم ذكره لما رأى ما أنكره واعتمد الإنكار بالقول ، لتعذر الإنكار عليه بالفعل.
قال : ولو قال : ما قلتموه من انه عليهالسلام علم أن الوعظ والزجر والإنكار لا ينجع ، لما رأى من التصميم على مخالفة النبي صلىاللهعليهوآله والاطراح لعهده ، فكان ذلك مقيما لعذره في الإمساك عنه مستمرا ، لوجب بمثله أن يكون هارون عليهالسلام قد أمسك أيضا ، لما رأى من التصميم على المخالفة ، والاطراح للعهد ، والإشراك بالله سبحانه ، والعبادة لمن ذوذ ، (١) والخلاف في هذا ان لم يزد على الخلاف في جحد الناس ، فما يقصر عنه بل الاولى به.
والظاهر الزيادة عليه وان كان المعنى واحدا ، لان من جحد الإمامة فقد عصى الرسول صلىاللهعليهوآله وجحده ومن أمره بالنص عليها ، فينبغي أن لا يقصر الخوف منهم من خوف أمير المؤمنين عليهالسلام عن هؤلاء.
بل لو قال قائل : ان كشفه للأمر بالقول على مقتضى قولكم ان كثيرا منهم بالشبهة كان يؤذن لائحه بالنجاح لم يبعد ، لأن الشبهة إذا انكشف (٢) عن هذه الطائفة وجب له نصرتهم ومعونتهم ، كما تحملوا المشاق في حياة النبي فيما هو أعظم مشقة من ذلك.
ولو قال : ان خوف أمير المؤمنين عليهالسلام كان أقل من خوف هارون على مقتضى قولكم ان النبي صلىاللهعليهوآله أخبره أنه لن يموت حتى يقتل الناكثين والقاسطين والمارقين لم يبعد.
فقولوا ما عندكم فيه لنعلمه إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) ظ : لمن دونه. والخلاف.
(٢) ظ : انكشفت.