المؤمنين عليهالسلام عند العدول عنه ، مثل فعل هارون عليهالسلام لما ضل قوم موسى عليهالسلام ، بعبادة العجل ، إذ كان من رسول الله صلىاللهعليهوآله بمنزلة من موسى عليهالسلام ، والا نقص عن مثل ما نعلمه من الوعظ والزجر والإنكار ، حسب ما حكاه الله سبحانه عنه في قوله (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي)(١).
وأنه لو فعل ذلك لوجب على الله سبحانه أن يجعله مستفيضا متعذرا إخفاؤه وكتمانه، لقطع العذر به ، كما فعل فيما قال هارون عليهالسلام ، وأن انتفاء ذلك دليل على بطلان ما يذهب اليه أن هارون عليهالسلام انما وعظ وأنكر وزجر لما لم يكن عليه من ذلك خوف على نفس ولا دين.
فمن أين لكم أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان غير خائف من ذكره ذلك؟
وما أنكرتم أن يكون المعلوم ضرورة أنه عليهالسلام مع ما جرى من خلاف الرسول صلىاللهعليهوآله في عقد الإمامة لا بدّ أن يكون خائفا من إظهار الحق والموافقة عليه ، لان من صمم على مخالفة نبيه واطراح عهده لا ينجع فيه وعظ ، ولا ينفع معه اذكار. وانما ذلك من مكلفة ضار له غير نافع لأحد.
قال : وفي هذه كفاية ، فما جواب من قال : بأي حجة فرقتم بينه وبين هارون عليهالسلام في حصول الخوف له وارتفاعه عن ذلك؟ وبأي دليل نفيتم ذلك عن هارون عليهالسلام؟ واللهعزوجل يحكي عنه أنه قال لأخيه موسى (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي)(٢).
__________________
(١) سورة طه : ٩٠.
(٢) سورة الأعراف : ١٥٠.