والاخبار في هذا المعنى كثيرة قد جازت عن حد الآحاد ، فان استحال النسخ وعولنا على أنه الحق بها ، ودلس فيها وأضيف إليها ، فما ذا يحيل المسخ؟
وقد صرح به فيها وفي قوله (أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ)(١) وقوله (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ)(٢) وقوله (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ)(٣).
والاخبار ناطقة بأن معنى هذا المسخ هو احالة التغيير عن بنية الإنسانية الى ما سواها.
وفي الخبر المشهور عن حذيفة أنه كان يقول : أرأيتم لو قلت لكم أنه يكون فيكم قردة وخنازير ، أكنتم مصدقي؟ فقال رجل : يكون فينا قردة وخنازير؟! قال : وما يؤمنك لا أم لك. (٤) وهذا تصريح بالمسخ.
وقد تواترت الاخبار بما يفيد أن معناه : تغيير الهيئة والصورة (٥).
وفي الأحاديث : أن رجلا قال لأمير المؤمنين عليهالسلام وقد حكم عليه بحكم : والله ما حكمت بالحق. فقال له : اخسأ كلبا ، وان الأثواب تطايرت عنه وصار كلبا يمصع بذنبه(٦).
وإذا جاز أن يجعل الله جل وعز الجماد حيوانا ، فمن ذا الذي يحيل جعل حيوان في صورة حيوان آخر.
رعاني الرأي لسيدنا الشريف الأجل (أدام الله علاه) في إيضاح ما عنده
__________________
(١) سورة المائدة : ٦٠.
(٢) سورة البقرة : ٦٥.
(٣) سورة يس : ٦٧.
(٤) راجع الدر المنثور ٢ ـ ٢٩٥.
(٥) أورد العلامة المجلسي جملة منها في البحار ٧٦ ـ ٢٢٠ ـ ٢٤٥.
(٦) يمصع بذنبه : أى يحركه ، كأنه يتملق بذلك.