وان قلتم : نريد بذلك أنه تعالى خلقنا لنستحق الثواب.
قيل : أفليس قد دخلت لفظة اللام ما ليس بمراد ، لان الاستحقاق ليس بفعل فيراد.
قالوا : وان قلتم : خلقنا وأراد بخلقنا فعل الإرادة.
قيل (١) : الإرادة للطاعة متقدمة على هذا الوقت ، لأنه انما أراد منا الطاعة حين أمرنا. ولو كان عزوجل قد أراد منا الان الطاعة ، لكان قد أراد الطاعة لنستحق للثواب ، ولأن إرادته حسنة ، والا لم يحسن الإرادة للطاعة ، وفي ذلك دخول لفظة اللام على ما لم يرد.
وقالوا : فان قلتم لنا : ما تريدون أنتم بقولكم ان الله تعالى خلقنا على صفة المكلفين لنستحق الثواب أو لنفعل الطاعة.
قلنا : نريد بذلك الداعي ، لأن قول القائل : دخلت الدار لا سلم على زيد. هو الذي دعاني الى ذلك ، اما بأن اعتقد حسنة ، أو أن فيه منفعة ، أو دفع مضرة يبين ذلك. أما لو تصورنا أن لنا في السلام على زيد فائدة ودعانا ذلك الى دخول الدار والى السلام عليه ، فدخلنا وسلمنا ونحن ممنوعون من الإرادة ، لكنا قد دخلنا الدار للسلام على زيد.
وقالوا : فان قلتم : كيف يكون استحقاقنا للثواب داعيا الى خلقنا على معنى أن العلم به وتحسين لتأتينا على الطاعة وعظيم المنفعة فيه ينهو الى خلقنا وخلق ما لا يتم الطاعة إلى يوم الاستحقاق عليها الا معه ، فيكون خالقا لنا لذلك ، كما تقولون أنه يكون خالفا لنا ومريدا لخلقنا لذلك.
ولو أنا فرضنا أن الله تعالى خلقنا على صفة المكلفين ، وكان الداعي الى ذلك ما ذكرناه من غير ارادة لما كان خلقه إيانا عبثا لا لغرض ، فكيف يكون ذلك عبثا ولداعي الحسن فعله.
__________________
(١) في الأصل قبيل :