يظلمهم ظالم ، لان العلم يستحيل ظلم مستحق لضرر ، وهذا جاهل بلغ اليد.
فكان يجب أيضا فيمن له دين على غيره ، أن لا يصح ممن عليه العطية شيئا من ماله على وجه الإحسان والتفضل ، لأنه إذا كان عليه بوجوب الدين الذي عليه داعيا الى فعله ، وهو كاف في كون العطية قضاء للدين ومؤثرا فيها من دون ارادة فلا بد من وجوب ما ذكرناه. وأن ذكرنا كل ما يلزم على هذا الموضع من الشناعات والمحالات اطالة ، وفي هذا القدر كفاية.
وقد بينا مرادنا بقولنا «أنه فعله للاستحقاق» و [ما] فسرناه أغنى عن تفسيره بما لا نذهب إليه ، لأن الضرر فعل يمكن وقوعه على وجوه من جملتها الاستحقاق ، فإنما يكون مفعولا للاستحقاق بإرادة متناول فعله على هذا الوجه.
ولهذا لا نقول : ان كل [ما] يفعله البهائم والأطفال ، ومن لا يصح منه الإرادة والقصد لا يكون إلا بصفة الظلم ، لانه ضرر يعرى من ارادة تصرفه الى بعض وجوه الحسن، اما الاستحقاق أو النفع أو دفع الضرر.
والقول في الثواب وأنه لا يتميز من الفضل الا بأن يقصد به وجه الاستحقاق كالقول فيما تقدم ، لان الثواب نفع والنفع قد يقع على وجوه ، اما غير مقصود به الى شيء ، فيكون عبثا.
وقد يكون متفضلا ، فكيف ينصرف إلى جهة الاستحقاق دون التفضل ألا يقصد الى ذلك ، وهب تمكنوا من أن يقولوا أنه يكون الاستحقاق به على هذا الوجه.
فان قيل : تعري النفع من التعظيم يقتضي كونه إحسانا.
قلنا قد يتعرى من التعظيم ويكون عبثا ، وقد يتعرى إيصال أحدنا النفع الى غيره من التعظيم ، فيحتمل أن يكون عبثا أو فرضنا ، وانما بالإرادة تقع على وجه دون آخر.