المريد منا.
وانما قلنا انه لا يجوز أن [لا] يتبع الداعي بتة ، لأنه لو لم يتبعه لكان مريدا لنفسه أو المعنى قد تم أولا متعلل بوجه من الوجوه. وكل ذلك بطل بما قد ذكرتم في مواضعه.
ولو يتبع الداعي لكان اما أن يكون حصل مريدا لداع أو لا لداع ، والثاني باطل ، لانه عبث ، ولان ما يتبع الدواعي لا يجوز أن يقع من العالم به إلا لداع كسائر الافعال.
ولو حصل لداع لم يخل من أن يكون الداعي راجعا الى الفعل ، أو الى المفعول به ، أو الى الفاعل ، ولا يجوز أن يرجع الى الفعل ، بأن يكون مؤثرة فيه ، لأنها لو أثرت فيه لأثرت في وجوده ، أو في وقوعه على وجه دون وجه.
ولو أثرت في وجوده لكانت أما أن تؤثر فيه ، بأن يحصل للفعل بها ، أو بأن تدعو اليه وتبعث عليه ، فالأول يكفي فيه كون القادر قادرا ، والثاني يكفي فيه الداعي.
ألا ترى أنا لو تصورنا حصول الداعي مع القدرة من غير ارادة يصح وقوع الفعل ، ولذلك وقعت الإرادة من غير ارادة ، ولا يجوز أن يؤثر في وقوع الفعل على وجه دون وجه ، لأن إرادة الحدوث لا تؤثر في ذلك.
لأنا قد بينا أنه ليس يقع الفعل على وجه يؤثر بالإرادة وغيرها ، وأن المرجع بالأمر والخبر إلى الصيغة مع الدواعي ، وبيان ذلك في مواضعه يغني عن إيراده الآن.
وليس يفعل في الإرادة غرض يرجع الى المفعول له ، الا أن يقال : ان الحي يسر إذا أراد الله فعل المنافع لينتفع بها ، وهذا الغرض يكفي فيه أن يعلم أن نفعه داعيه الى الفعل ، وان لم يكن هناك ارادة.