عليهالسلام على ذلك على مضض شديد.
وقد يثقل على الطباع ما فيه مصلحة من العبادات ، كالصوم في الحر ، والغسل بالماء في الزمهرير.
وقد روي ان عمر بن الخطاب قام في تلك الحال إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقال : ألست نبي الله؟ فقال له : بلى. فقال : أولسنا بالمسلمين؟ فقال عليهالسلام : بلى. فقال : فلم تعطي هذه الدنية من نفسك؟ فقال : ليست بدنية أنها خير لك. فقال : أفلست قد وعدتنا بدخول مكة فما بالنا لا ندخلها؟ فقال عليهالسلام له : أوعدتك بدخولها العام. فقال عمر : لا. فقال عليهالسلام : فتدخلها.
ويروى عن عمر أنه قال : ما شككت منذ أسلمت إلا يوم صالح رسول الله صلىاللهعليهوآله أهل مكة ، فانني قلت له : كذا وكذا. وساق الحديث (١).
فأما ما مضى في أثناء المسألة من أنه كان يجب مع الشك أن يستفهم ، فقد فعل عليهالسلام ما يقوم مقام الاستفهام من التوقف ، حتى ينكشف الأمر.
وقد بان بتوقفه الأمر واتضح ، وهو عليهالسلام ما كان قط شاكا في أن الرسول لا يوجب قبيحا ولا يأمر بمفسدة ، وانما لما تعلق ما ظهر من صورة الأمر بفعل تنفر منه النفوس وتحيد عنه الطباع ، جوز عليهالسلام ألا يكون ذلك القول أمرا فتلاه بتوقفه ، وذلك منه عليهالسلام غاية الحكمة ونهاية الاحتياط للدين.
نجزت المسائل الطرابلسيات ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأكرمين.
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه ١ ـ ٩٤ وراجع القصة والكلام حولها كتاب الطرائف ص ٤٤٠.