فأما من سوى بين الأمرين ، كأبي علي الجبائي وغيره وأوقف حصول الحق مدركا على معنى ، فإنه لا يجدي فرقا بينه وبين من قال في الجسم الثقيل إذا لم يكن تحته ما يقله (١) ولا فوقه ما يمسكه كونه (٢) متحركا سفلا ووجود الحركة فيه ، ونظائر هذا الإلزام مما يؤدي الى الجهالات كثيرة.
وإذا ثبت غناء العلم عن أمر زائد ، فالموجب له ما تجدد بحسبه ، وكان تابعا لتجدده وهو الخبر. وإذا لم يجز في العلم الذي هو فعل واحد أن يحدث عن أكثر من فاعل واحد ، وجب القطع على أن (٣) من فعل مخبر واحد.
ولان العلم لو لم يتولد عن خبر الواحد واحتاج الى أخبار زائدة عليه ، لكان كل خبر يفرض قبل حصول العلم ، فلا بد من أحد أمرين ، أما الانتهاء الى خبر عصد (٤) عقيبه العلم وينتفى الشك وهو المطلوب ، أو اتصال الشك وتعذر العلم وقد علمنا وجوب حصوله حسب.
الكلام على ذلك : أنه لا يجوز أن يتساوى جنسان (٥) في صحة الخاصة (٦) وارتفاع الموانع ، وحصول المدرك ، وتكامل جميع الشرائط ، فلا يتساويان في كونهما مدركين على ما ذكرت.
غير أنه يجوز أن يتساوى جنسان في نفي السهو والاعراض عما يدركانه من سماع الخبر عن أحد جاء من بغداد ، فيعلم أحدهما ولا يعلم الأخر.
فإن قلت : قد أخللتم بشرط ، وهو المتساوي في كمال العقل.
__________________
(١) ظ : ما يقره.
(٢) ظ : كان.
(٣) ظ : أنه.
(٤) ظ : حصل.
(٥) في هامش النسخة ظ : نفسان.
(٦) ظ : الحاسة.