الآحاد في العقليات والشرعيات ، فقد بينا عند الكلام في الفصل الرابع من هذه المسائل ، عند ذكره للعمل على خبر الوكيل في العقد والابتياع ، وعلى خبر الزوجة في الطهر والحيض وما أشبه ذلك.
أن هذا الجنس من الكلام انما يصلح أن يعتمد على من أحال العمل على أخبار الآحاد ، وعلى ما لا يوجب العلم من الاخبار ، فأما من جوز ذلك فيقطع عليه من الموضع الذي دل الدليل عليه فيه ومنع منه ، بحيث لم يدل الدليل عليه ، فلا يكون هذا الكلام حجابا له وقدحا في مذهبه.
وبينا أيضا أنه لا يمكن أن يحمل وجوب العمل على أخبار الآحاد في الشريعة ، بحيث وقع الاختلاف على هذه المواضع بالقياس ، ويجمع بين الأمرين بعلة تحرز وتعين.
وبينا أيضا أنه لا يمكن دخول موضع الخلاف في تلك الجملة ، على أنه تفصيل لها. ولا معنى لإعادة ما مضى.
وأجود ما يمكن أن يقال في هذا الموضع وأقوى شبهة : انه إذا وجب في العقل العمل على خبر من أنذرنا بسبع في طريق ، أو لصوص ، أو ما جرى مجرى ذلك من المضار الدنيوية ، ووجب التحرز من هذه المضار وتجنبها بقول من لا يؤمن كذبه ، حتى يكون مذموما من اطرح العمل بها مع خوف المضرة ، والا (١) لا وجب أيضا العمل على قول من خبرنا عن الرسول ، لأنا لا نأمن في إهمال العمل به المضرة.
والا وجب (٢) على سبيل التحرز من المضار العمل على هذه الاخبار على الوجه الذي هو أوكد مما تقدم ذكره. لان مضار الدنيا منقطعة ومضار الآخرة
__________________
(١) الظاهر زيادة «والا».
(٢) ظ : ولا وجب.