صديقه أو أميره ، أنه مجوز أن يكون الأمر فيما خبر به بخلاف الخبر ، وان كان ظنه الى الصدق أميل ومن جهته أقرب.
ويفرق بين ذلك وبين ما يعلمه قاطعا عليه واثقا به ، فرقا ضروريا لا يشتبه على عاقل، حتى لو قال له قائل : أنت موفق (١) قاطع على هذا الخبر الذي عملت عليه ، وتجريه مجرى الأخبار المتواترة ، توجب (٢) العلم عن البلدان والأمصار والحوادث الكبار بقابل (٣) ، بل فيه (٤) ما أنا قاطع ولا موقف ، بل مجوز للصدق والكذب ، وان كنت بالظن إلى جهة الصدق أقرب ، وما يعلمه العقلاء من نفوسهم ضرورة ، فلا ينبغي أن يقع فيه مناظرة.
فمن ادعى تساوي حال من ذكرناه لحال من يعلم شيئا عند الإدراك وزوال كل شبهة فيه ولبس ، أو يعلم بالأخبار المتواترة. فقد كابرنا بإتمام الحيلة التي ينكشف الأمر عنها. فهو أيضا وجه يعتمد في هذا الموضع ، وان كان ما ذكرناه أوضح وأولى.
وتقريب هذا الكلام : أنه لا موضع من هذه المواضع التي عملنا فيها على اخبار الآحاد الا ونحن نجوز أن ينكشف عاقبة الأمر عن كذب المخبر ، ولا نأمن من ذلك البتة كما نأمنه مع العلم اليقين ، وليس كذلك العلم التابع للإدراك أو الحاصل عند التواتر ، لأنا لا نجوز البتة فيما علمناه عند الإدراك ، ولا لبس ولا شبهة أن ينكشف عن خلاف وكلاء(٥) في الاخبار المتواترة.
فأما ما عدده من تمام الحيل وانكشاف الكذب فيما يتعلق بالإدراك ، فمما
__________________
(١) ظ : موقف
(٢) ظ : التي توجب
(٣) ظ : لقال :
(٤) الظاهر زيادة «فيه»
(٥) ظ : وكذا