وصول الأداء اليه ، ومن كان شاحط الدار فبحسب ذلك.
وهذا غير ممتنع في التقدير ، لانه كما كانت هذه المصالح تختلف بالأزمان وفي الأشخاص ، ويجب منها في وقت ما لم يكن واجبا قبله ، وتتغير أحوالها أيضا حتى يدخل النسخ فيها بحسب تغيرها ، جاز أن يتنزل الأمر في المبعوث إليهم الرسول الذي ذكرناه.
وليس لأحد أن يقول : جوزوا أن يكون مصلحة البعيد والقريب في الشرع متساوية ، ولكن البعيد انما تكون تلك الافعال له مصلحة ، إذا أديت (١) واليه اطلع عليها ، فلا يجب ما ذكرتموه. وذلك أن وجوب الواجب منفصل من الاعلام بوجوبه ، وبالإعلام لا يصير ما ليس بواجب واجبا ، وانما يتناول الاعلام والأداء الاطلاع على وجوب أفعال هي في نفسها واجبة من غير هذا الاطلاع.
على أن هذا يوجب القول بأن الأداء لو لم يكن أبدا لما كانت هذه الأفعال واجبة أو قبيحة أبدا ، وقد علمنا خلاف ذلك.
ويوجب أيضا أن يكون المؤدون لهذه الشرائع لا يخبرون بوجوبها ، لان الخبر بذلك قبل الوجوب الذي يكون بعد الأداء كذب.
ويوجب أيضا أن لا يلزم أداء هؤلاء المؤدين ولا الرسول صلىاللهعليهوآله التحيل. وكل هذا ظاهر الفساد.
فان قيل : أليس المكلفون في حال دعوى الرسول للرسالة ، والى أن ينظروا إلى معجزة ويعلموا صدقه ، لا نعرض تلك المصالح التي نبتهم (٢) عليها ، والتكليف العقلي يلزمهم.
__________________
(١) ظ : أديت اليه واطلع.
(٢) ظ : نبهتهم.