أن ينقلوه ولا يكتموه ، وذكرتم أن التكليف وإزاحة العلة فيه يوجب ذلك ، فألا جعلتم الباب واحدا وقلتم : ان الذي ينتهي جميع الشرع إليهم ويتساوون في علمه لا يجوز أن يعدلوا كلهم عن نقله ويكتموه ، حتى لا يتصل بمن يوجد مستأنفا من مكلف لمثل العلة التي رويتموها في إزالة العلة في التكليف ، والا كان كل ناقل للشرع ومؤد له الى غيره ، من موجود حاضر ومفقود ومنتظر في هذا الحكم الذي ذكرتموه متساويين ، ولا حاجة مع ذلك الى امام حافظ للشريعة.
قلنا : قد أجبنا عن هذا السؤال بعينه في جواب مسألة وردت من الموصل وأوضحنا أن ذلك كان جائزا عقلا وتقديرا ، وانما منعنا منه إجماعا. لأن كل من قال : ان الأمة بأسرهم يجوز عليهم أن يكتموا شيئا من الشرع ، حتى لا يذكره ذاكر لا يجعل المؤمن من ذلك الا بيان امام الزمان له وإيضاحه واستدراكه ، دون غيره مما يجوز فرضا وتقديرا أن يكون الثقة له ومن أجله.
وكل من جوز أن يتحفظ الشرع بإمام الزمان ويوثق بأنه لم يفت شيء منه لأجله ، كما يجوز أن يتحفظ ويوثق بوصول جميعه ، بأن يكون المعلوم من حال المؤدين أنهم لا يكتمون ، فيقطع على أن حفظ الشرع والثقة به مقصورتين (١) على الامام وحفظه.
لأن الأمة بين مجوز على الأمة الكتمان وغير محيل له عليهم ، وبين محيل له ومعتقد أن العادات تمنع منه. فمن أجازه عليهم ولم يحله ـ وهم الإمامية خاصة ـ لا يسندون الثقة والحفظ الا الى الامام دون غيره ، وانما يسند الثقة الى غير الامام من يحيل الكتمان على الأمة.
وإذا بان بالأدلة القاهرة جواز الكتمان عليهم ، فبالإجماع يعلم أن الثقة
__________________
(١) ظ : مقصوران.