وإذا كان ما قالوه صحيحا معلوم (١) أنه لا يجب في رسول الواعظ والمؤدي عنه وعظه، ما أوجبناه فيه من النزاهة والطهارة ، ولا يجوز لأحد إلزام (٢) الأمرين على الأخر.
فأما ما مضى في وسط هذا الفصل من التشكيك في عموم وجوب عصمة الأنبياء ، وإلزام أنه مما يجوز أن يختلف كونه لطفا. فليس بصحيح ، لأن جهة كون العصمة لطفا في السكون ورفع النفار ، معلوم أنهما مما لا يختلف في العقلاء ، كما لا يختلف جهة كون المعرفة بالله تعالى لطفا من جهة كون الرئيس المنبسط اليد النافذ الأمر لطفا في انتظام الأمور وارتفاع خللها ، فلا معنى للتشكيك في ذلك.
فأما ما مضى في الفصل من القول : بأنه إن سوى مسو بين الرسول وبين من ينفذ من قبله الى من بعد عنه في العصمة ، فصار الى ما يحكى عن بعض أصحابنا.
فليس بصحيح ، لان من قال من أصحابنا (٣) أمراء النبي صلىاللهعليهوآله أو الامام ، وقضاته وحكامه وخلفاؤه ، لا يقول بعصمة الرواة عنه والمؤدين لاخباره إلى أطراف البلاد ، وكيف يتصور هذا والرواة عن النبي صلىاللهعليهوآله والامام والناشرون لاخباره وما أتى به من شرائعه ، هم الخلق جميعا. لان ذلك لا يتعين ولا يتخصص بطائفة دون اخرى ، وكان يجب على هذا أن يكون الخلق معصومين.
والكلام الذي كنا فيه هل يجب أن يكون من يؤدي عن النبي صلى الله
__________________
(١) ظ : ومعلوم.
(٢) ظ : إلزام أحد الأمرين.
(٣) ظ : أصحابنا بعصمة أمراء.