أنّ المعروف قائلون بالوقوع في الخارج ، فلا مانع عندهم من وقوع التعبّد لا من حيث الذات ولا خارجا عنه وإلّا لما وقع ، ويمكن على بعد إرادتهم الإمكان الاحتمالي ويفيدهم ذلك بالتقريب الذي مرّ آنفا ، وسيأتي ما يوضح أنّ مخالفة محمّد بن عبد الرحمن بن قبة في الإمكان بأيّ المعنيين فانتظر.
قوله : ويظهر من الدليل المحكي عن ابن قبة (١).
(١) يعني من دليله الثاني وهو تحليل الحرام وعكسه ، وإلّا فدليله الأول مختصّ بالخبر الواحد كما لا يخفى.
قوله : والثاني أنّ العمل به موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال (٢).
(٢) يريد أنّ التعبد به موجب لذلك ، يعني جعل الشارع خبر الواحد حجة يوجب تحليل الحرام ، وإلّا فنفس العمل بالخبر لا يوجب تحليل الحرام وذلك واضح ، وفي التعبير المذكور مسامحة.
ثمّ إنّه لم يبيّن وجه فساد تحليل الحرام وعكسه وهو يحتمل وجوها :
أحدها : أنّ ذلك من جهة استلزامه نقض الغرض ، فإنّ من يحرّم شيئا لغرض ثم يرخّص في فعله فقد نقض غرضه الأول وذلك قبيح.
ثانيها : أنّ ذلك مستلزم للنهي عن ذي المصلحة أو الرخصة في ذي المفسدة ، لأنّ الفعل لا يخلو عن كونه في الواقع ذا مصلحة أو ذا مفسدة ، فإن كان الأول فالنهي قبيح وإن كان الثاني فالرخصة قبيحة ، وعلى هذين الوجهين فإنّه لم ينكر الإمكان الذاتي بل العرضي من حيث لزوم القبح الذي لا يجوز على
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٠٥.
(٢) فرائد الأصول ١ : ١٠٥.