بنفسه طريقا ويلزم جعله طريقا مثل الأول ولا بدّ في إثباته من دليل آخر ، ثم ننقل الكلام إلى هذا الدليل وهلم جرّا فيتسلسل.
وجوابه على ما اخترناه من قابليّته للجعل بمعنى جواز الردع عنه واضح ، لأنّه إذا قطع بشيء ولم يردع عنه الشارع ثبت الحجة ولا يحتاج إلى شيء آخر ، وإن ثبت ردعه عنه وقطعنا به فهذا القطع الثاني حجّة إذا لم يردع عنه وهكذا ، ولا يلزم ردع الشارع عن جميع المراتب غير المتناهية حتى يلزم التسلسل ، بل بسبب بطلان التسلسل نعلم عدم صدور مثل هذا الردع عن الشارع. نعم ، لو قيل : بأنّ القطع مجعول إثباتا يلزمه التسلسل المذكور.
قوله : ومن هنا يعلم أنّ إطلاق الحجّة ، إلى آخره (١).
(١) تفريع عدم صحّة إطلاق الحجّة على القطع على ما سبق من أنّه بنفسه طريق إلى الواقع وليس طريقيّته قابلة لجعل الشارع إثباتا ونفيا غير واضح ، لأنّ وجه عدم صحّة الإطلاق على ما سيصرّح به أنّ الحجّة ما يوجب القطع بالمطلوب فلا يطلق على نفس القطع ، وهذا لا يفرّق فيه بين كونه طريقا بنفسه أو مجعولا.
وتوهّم أنّه لو كان مجعولا يكون مثل الأمارات وسطا في القياس ويطلق عليه الحجّة بذلك الاعتبار فلأجل كونه غير مجعول لا يكون وسطا فلا يطلق عليه الحجّة ، مندفع بعدم صيرورة القطع بسبب الجعل واسطة للقطع وسببا له ، كما أنّ التغيّر واسطة للقطع بحدوث العالم وسبب له ، وأيضا لو كان عدم إطلاق الحجّة على القطع متفرّعا على كونه طريقا بنفسه غير قابل للجعل إثباتا ونفيا يلزم عدم جواز إطلاق الحجّة على الدليل القطعي أيضا مع أنّه دليل في
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٩.