قوله : فنقول إنّه إما يقرر دليل الانسداد على وجه يكون كاشفا (١).
(١) اعلم أوّلا أنّ صحة تقرير وجه الكشف مبني على العلم بكون نصب الطريق واجبا في الحكمة على الشارع أو العلم بتحقق النصب ولو لم يكن واجبا ، وأيضا قد عرفت أنّ الصحيح في تقرير الكشف توسيط المقدمة القائلة بأرجحية الظن عن باقي المحتملات ، لا التقرير بإبطال الأطراف للمنفصلة حتى
__________________
لا يقال : إذا كان وجه تعيين الظن من بين المحتملات الباقية أقربيته إلى الواقع ووجود هذا المناط في جميع الظنون بنسق واحد فكيف يمكن دعوى عدم العموم في المراتب بتقرير الحكومة وفي الأسباب والمراتب على تقرير الكشف.
لأنّا نقول : يمكن أن يكون المناط في نظر العقل الظن القوي المتاخم للعلم لو وجد بمقدار ما يزول العلم الإجمالي بالعمل به ، هذا بالنسبة إلى المراتب وأما بالنسبة إلى الأسباب في وجه تقرير الكشف فيجوز أن يحكم العقل بأنّ ما جعله الشارع من نوع الظن لكون نوعه أقرب إلى الواقع من غير استكشاف لجعل مطلقه.
فإن قلت : إنّه ليس في كل مسألة إلّا ظن واحد قويا أو ضعيفا من سبب واحد ، فلو لم تكن النتيجة عامة ولم يعمل في كل مسألة بالظن الموجود فيها لزم أن يعمل في بعضها بالوهم وهو خلاف ما يحكم به العقل بالبداهة.
قلت : لا نسلّم لزوم العمل في ذلك البعض بشيء ، بل تكون المسألة بلا حكم ويكون المكلف بالنسبة إليها في مقام إهمال التعرض للامتثال.
لا يقال : لا يجوز إهمال التعرض للامتثال بحكم المقدمة الثانية.
لأنّا نقول : ما ثبت في المقدمة الثانية عدم جواز إهمال التعرض لامتثال التكاليف المعلومة بالإجمال رأسا كالبهائم والأطفال ، لا الإهمال في بعض المسائل والتعرض في بعض آخر بحيث يزول العلم الإجمالي ، نعم احتمال الإهمال في البعض ينافي ما سيذكره المصنف من الرجوع إلى الأصل في غير موارد الرجوع إلى الظن.
وكيف كان ، فالغرض إبداء احتمال كون النتيجة مهملة على ما قرره المصنف احتمالا صحيحا وإن رجحنا خلافه بوجه آخر ، فانتظر لتمام الكلام.
(١) فرائد الأصول ١ : ٤٦٥.