الحجية ، فأثبت ما هو من لوازم الجهة الأولى للجهة الثانية ، وأين أحدهما من الآخر فتدبّر.
قوله : وليس طريقيّته قابلة لجعل الشارع إثباتا ونفيا (١).
(١) يريد بذلك أنّ حجّيته ليست قابلة لجعل الشارع إثباتا ونفيا كما أشرنا بدليل تمسّكه بالأدلّة الآتية.
والحقّ أنّ حجيّة القطع من الأحكام المجعولة للعقل ولا يحتاج إلى جعل الشارع ولا إلى إمضائه بمعنى تقريره ورضاه به ، ولكن يحتاج إلى إمضائه بمعنى عدم الردع عنه فإنّه قابل للردع ، فهو حينئذ غير قابل للجعل بمعنى إنشاء حجيّته ابتداء نظير جعل الأدلّة الظنّية ، ولا للجعل بمعنى تقريره وإمضائه نظير بناء العقلاء على شيء هو بمرأى ومسمع من المولى وسكوته عنه بحيث يكشف ذلك عن رضاه به وهو في قوة الجعل أيضا ، لكنّه قابل للجعل بمعنى عدم الردع عن العمل به ، وبيان هذا المدّعى يحتاج إلى تمهيد مقدّمة وهي :
أنّ الجعل إمّا تكويني بمعنى إيجاد الشيء أو تشريعي بمعنى إنشاء أمر أو حكم ، وعلى التقديرين إمّا أصلي كإيجاد الأربعة مثلا وإيجاب الصلاة أو تبعيّ كإيجاد الزوجية للأربعة وإيجاب مقدّمات الصلاة فإنّهما تابعان للجعل الأوّل يحصلان بتحقّقه قهرا لا بجعل آخر غير الجعل الأوّل. وإن شئت فعبّر أنّ الشيء إمّا مجعول أو منجعل ، وعلى التقادير إمّا بسيط وهو ما يكون مفاد كان التامة بمعنى فعل الشيء وإيجاده مجرّدا عن اعتبار آخر ، أو مركّب وهو ما يكون مفاد كان الناقصة بمعنى فعل شيء شيئا وإيجاد شيء لشيء فإنّه يحتاج إلى اعتبار شيء آخر مع المجعول.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٩.