والتحقيق في الجواب عن الإشكال ما ذكره في المتن أوّلا من أنّ العلم الإجمالي لا يوجب سقوط العام بل يوجب الفحص ، توضيحه أن يقال : إنّ العلم الإجمالي الذي يوجب الاحتياط في التكاليف والتوقف فيما نحن فيه هو العلم الإجمالي المستقر بعد الفحص ، وأما العلم الإجمالي الحاصل قبل الفحص فلا يؤثّر إلّا وجوب الفحص ، والسر في ذلك أنّ العلم الإجمالي قبل الفحص مقرون بالعلم أو الظن أو الاحتمال القريب بأنّه يوجد بالفحص ما يفصل به ذلك العلم الإجمالي أو ما يمكن أن ينطبق العلم الإجمالي عليه ، ولذا لا يحكم العقلاء حينئذ بأنّه كالعلم التفصيلي يجب مراعاته بالتوقف والاحتياط ، بل يحكمون بوجوب الفحص كي يعرف أنّه بما ذا يؤول أمره وبأيّ شيء يستقر الاعتقاد ، وهذا بخلاف العلم الإجمالي المستقرّ بعد الفحص والعجز عن استعلامه التفصيلي فإنّه يوجب التوقف والاحتياط بحكم العقل والعقلاء ، وحينئذ نقول فيما نحن فيه إنّه بعد الفحص نجد مخصّصات ومقيّدات كثيرة للمطلقات والعمومات ، ومن بعد ذلك لا يبقى لنا علم إجمالي حتى يوجب التوقف.
قوله : إلّا أنّه يظهر من كلام السيد الصدر شارح الوافية (١).
(١) محصّل مرامه : أنّه قد علم مما سبق أنّ الأخباريين وافقونا في أنّ الأصل في الظواهر جواز العمل بها ، لكنّهم يزعمون ورود المنع عن العمل بخصوص ظواهر الكتاب لمكان الأخبار المانعة عن تفسير القرآن فلذلك رفعوا اليد عن الأصل المذكور ، إلّا أنّه يظهر من آخر كلام السيد الصدر أنّ المنع عن العمل بالظواهر مقتضى الأصل ، وقد خرج عنه ظواهر السنّة وبقي ظواهر الكتاب تحت الأصل المذكور.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٥٠ ـ ١٥١.