قوله : وقد اشتهر أنّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجرا واحدا (١).
(١) لعله يريد أنّ زيادة الأجر في المصيب لأجل الإصابة وهي أمر غير اختياريّ ، أو أنّ قلّة الأجر في المخطئ لأجل عدم الإصابة وهو أمر غير اختياريّ.
وبالجملة اختلاف الأجر مستند إلى الأمر غير الاختياري ، فيجوز في طرف العقاب أيضا أن يكون الأمر غير الاختياري منشأ لعدم العقاب.
وفيه : أنّه إن أريد أنّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجرا واحدا لا على وجه الاستحقاق ، وإنّما المصيب يستحقّ أجرا واحدا والمخطئ لا يستحق شيئا ، إلّا أنّ الشارع أخبر بفعلية الأجر هكذا تفضّلا ، فلا شهادة حينئذ للمطلب بوجه إذ الكلام في الاستحقاق ، وإن أريد أنّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجرا واحدا على وجه الاستحقاق بتقريب أنّ مجرّد الاجتهاد سبب لاستحقاق أجر وإصابته سبب لاستحقاق أجر آخر ، فالاستشهاد حينئذ في محلّه ، إلّا أنّه ينافي أصل الدعوى من عدم حرمة التجري ، إذ لو كان مجرّد الانقياد سببا لاستحقاق أجر لا جرم يكون مجرّد التجري سببا لاستحقاق عقاب ، وقد مرّ بيان ذلك في المقدّمات وأنّهما في حكم العقل سواء ، هذا.
ولا بأس أن نذكر هنا أدلة القول بعدم حرمة التجري قبل التعرّض للقول
__________________
ذلك زاجرا للعاصي خوفا من أن يكثر العامل بسنّته فيكثر عقابه.
وبعبارة أخرى : قد أقدم كلّ منهما باختياره على استنان سنّة وعمل يكون وزره مثل وزر كلّ من عمل بها ، فاستحقّ بفعله ذلك المقدار من العقاب ، وهكذا يجاب عن إشكال تزايد العقاب باللعن ، فإنّ الطاغي استحقّ بطغيانه جميع ما يلحقه بلعن لاعنيه من أوّل الأمر ، فعقابه بذلك المقدار مقتضى العدل.
(١) فرائد الأصول ١ : ٤١.