حتى لا يثبت في حقه حكم أصلا ولا يكون معاقبا ، إلّا أن يقولوا بوجوب النظر والاجتهاد أو التقليد عن دليل قطعي ، وعليه يثبت وجوب الاجتهاد أو التقليد ويعاقب على مخالفة هذا الحكم بالخصوص لوجود القاطع عليه ، وليس محلا للتصويب بل المصوّبة قائلون بالتخطئة في مثله كما سبق ، ومع ذلك فيه ما فيه (١).
هذا تمام الكلام في تصوير قول المصوبة.
ثم اختلف المخطئة بعد اشتراكهم في أنّ لله في كل واقعة حكما معينا أصابه من أصابه وأخطأه من أخطأه ، فمنهم من ذهب إلى أنّ الله جعل في كل واقعة حكما ونصب عليه حجة قاطعة. واختلف أصحاب هذا المذهب في معذورية المخطئ بعد بذل وسعه وعدم معذوريته ، ومنهم بل المعروف بينهم على ما في الفصول أنّه جعل في كل واقعة حكما معيّنا ونصب عليه دليلا إما حجة قاطعة أو أمارة ظنية ، ومنهم من ذهب إلى أنّه لا يلزم أن يكون عليه دليل ظني أو قطعي ، والأقوى الأخير لجواز اتّكال الشارع على حكم العقل الحاصل لكل مكلف ، فلو علم بالحكم عمل على طبقه وإلّا عمل بالبراءة أو الاشتغال ، هذا.
ثم استدل على القول بالتخطئة بوجوه :
الأول : إجماع الإمامية من زمن الصحابة إلى يومنا هذا حتى أنه لم يحك من أحد قول نادر أو تردد وتوقف ، وكون ذلك إجماعا في المسألة الأصولية لا الفرعية غير قادح ، لأنّ الإجماع حجة مطلقا في كل ما يترتب عليه حكم فرعي
__________________
(١) أقول : ويمكن الذبّ عن هذا الإيراد عنهم : بأنّ الجاهل مكلف واقعا بالحكم الذي لو اجتهد أدى نظره إليه وإن لم يجتهد بعد أو لم يجتهد طول دهره ويعاقب على ذلك ، إلّا أنّ ذلك إنّما يتم على فرض القول بكون الرأي كاشفا عن الحكم لا محدثا.