أجلّة الأصوليين والمتكلّمين ، ولمّا استظهرنا منهم أنّهم يقولون بوجود شيء في الواقع يتفحّص عنه المجتهد سواء أصابه وصار ذلك حكمه أو أصاب غيره وصار ذلك الغير حكمه ، يندفع عنهم جملة مما أورد عليهم مثل الدور الذي أورد عليهم العلامة (رحمهالله) (١).
تقريره : أنّ ثبوت الحكم على القول بالتصويب متوقّف على العلم به والعلم به متوقف على ثبوته ، ضرورة تقدم ثبوت المعلوم على العلم بثبوته.
تقرير الدفع : أنّ الحكم حينئذ وإن كان متوقفا على العلم لكنّ العلم ليس متوقفا على ثبوت الحكم بل على ثبوت شيء يتخيل منه الحكم. ولا يخفى أنّ شبهة الدور إنّما ترد على تقدير القول بكون رأي المجتهد محدثا للحكم لا على تقدير الكاشفية.
وكذا يندفع عنهم ما يقال من أنّه يلزم على التصويب استعمال اللفظ في معان كثيرة بحسب آراء المجتهدين إذا اختلفوا باختلاف أنظارهم بملاحظة دليل لفظي.
وجه الدفع : أنّ لهم أن يقولوا إنّما يلزم ذلك لو كان اللفظ مستعملا في جميع ما يفهمه منه كل مجتهد ، وذلك غير مسلّم لم لا يكون اللفظ مستعملا في واحد من الآراء وما يفهمه الباقي خارج عن المستعمل فيه ، إلّا أنّه حكمهم بدليل حجية ظن المجتهد ، بل يمكن أن يكون المستعمل فيه خارجا عن الجميع.
نعم ، يرد عليهم أنّه يلزم عدم ثبوت حكم من الأحكام الاجتهادية في حق من لم يجتهد ولم يقلّد ، وحينئذ فللمكلف أن يترك الاجتهاد والتقليد بالمرة
__________________
(١) نهاية الوصول : ٣١١ (مخطوط).