الفحص مقبول وقبله غير مقبول ، هذا كلّه في حكم المخالفة النفس الأمرية.
وأمّا الموافقة الاتفاقية كذلك كما لو فرض أنّ المكلّف قطع بوجوب شيء باعتقاد أنّه مأمور به بأمر والده ، وفعله بهذا العنوان والداعي فتبيّن أنّه واجب بأمر الشارع مثلا ، فإن كان واجبا توصليا غير مشروط بقصد القربة فلا إشكال في موافقة الأمر والإطاعة ، ويترتّب عليه ثواب الانقياد به ، وإن كان تعبّديا مشروطا فيه قصد القربة ، فإن قلنا : بأنّ قصد القربة بعمل لا يتحقق إلّا بقصد أمره المتعلّق به فالعمل باطل لم يحصل به إطاعة ولا امتثال ولا استحقاق ثواب ، وإن قلنا : بأنّه يكفي في القربة كون العمل بداع إلهي كما هو الحقّ المحقّق عندنا في محلّه ، فإنّه عمل صحيح موافق للأمر وقد حصل به الإطاعة واستحقاق المثوبة ، ولا بأس بالتزام ذلك وإن استبعده بعضهم.
قوله : لكن الكلام في أنّ قطعه هذا هل هو حجّة عليه من الشارع وإن كان مخالفا للواقع (١).
(١) لا بدّ أوّلا من تحرير محلّ النزاع ببيان أمور ثلاثة :
الأوّل : أنّ هذا النزاع يجري في سائر الأدلّة من الأصول والأمارات والأدلة الظنية والقطعية ، ويجمعها أنّ الأحكام الفعلية باعتقاد المكلّف هل يوجب مخالفتها عقابا لو تخلّفت عن الواقع ولم يحصل المخالفة بالنسبة إلى الأحكام الواقعية أم لا؟ وحينئذ جعل المصنف هذا البحث من مباحث خصوص القطع لا وجه له (٢).
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٧.
(٢) أقول : لعل وجهه أنّ سائر ما ذكر قائم مقام القطع على مذاق المصنف فيجري فيها النزاع