في سائر موارد تداخل الأسباب ، وعلى الثاني أنّ المسبّبين يوجدان بوجود واحد كما في سائر تداخل المسبّبات فلا ترجيح بلا مرجّح ، نعم يبقى الكلام في الأصل المذكور وتطبيقه على ما نحن فيه ، أما الأصل فالمختار المحقّق في محلّه عدم التداخل إلّا بدليل مفقود فيما نحن فيه بالفرض ، وأمّا عدم تطبيقه على ما نحن فيه ، فلأنّ مورد التداخل فيما إذا كان الأثر شيئا واحدا ، ولعلّ فيما نحن فيه أحد السببين علّة لاستحقاق نوع من العقاب والآخر علّة لاستحقاق نوع آخر منه فكيف يحكم بالتداخل مع الجهل بأنّ عقابيهما من سنخ واحد أم لا ، ويا ليت المصنف علّل قوله لا وجه للتداخل في هذا القسم من الترديد بما ذكرنا من أنّه لا دليل عليه ، مع أنّه خلاف الأصل وأنّه متوقّف على إثبات كون عقابيهما من نوع واحد ، ولم يعلّله بالترجيح بلا مرجّح لكي يرد عليه ما أوردنا.
نعم ، ما أورده على الشق الثاني من ترديده صحيح ، إلّا أنّ الظاهر بل المتيقّن أنّ القائل لم يرده بل أراد المعنى الأول ، وكيف الظن بصاحب الفصول بأنّه أراد من تداخل العقابين عقابا واحدا شديدا يعادل عقابين في الألم والنكاية ، والظاهر أنّ المصنف أيضا لم يشك في عدم إرادة هذا الاحتمال لكن جرى على ما هو دأب المناظرة من ذكر جميع احتمالات كلام الخصم ـ ولو كان في غاية البعد ـ وتضعيف الكلّ لأجل اتقان المدّعى ، هذا.
وقد بقي في المسألة أمر آخر ينبغي التنبيه عليه ، وهو أنّ حرمة التجرّي على القول به شرعيّ أو عقلي صرف ليس بشرعيّ؟ وجهان بل قولان.
توجيه الأول أن يقال : بعد ما حكم العقل بقبح التجرّي وأنّه سبب لاستحقاق الذم والعقاب ، يثبت بقاعدة الملازمة بين حكم العقل والشرع أنّه حرام شرعي كسائر ما يستقل بقبحه العقل مثل الظلم والكذب وغيرهما مما