العصيان الحقيقي وهي الهتك والجرأة على المولى ، أو الفعل والترك بعنوان الهتك والجرأة ، أو الفعل والترك بشرط الهتك والجرأة ، فحينئذ ليس في العصيان الحقيقي إلّا جهة واحدة مقتضية لاستحقاق العقاب وهي العلة المشتركة بينه وبين التجرّي ، وقد سبق أنّ الحق والتحقيق صحّة هذا الشقّ من الترديد وأنّ وجه حرمة التجرّي وجود ما هو مناط الحرمة في المعصية الحقيقية بعد تحليل جهات الفعل أو الترك المبغوض فيه فتذكّر.
وإما أن يكون لعلّة خاصّة به كأن يقال : كما أنّ مخالفة المولى حقيقة موجب لاستحقاق العقاب كذلك مخالفته اعتقادا غير مطابق للواقع أيضا موجب له بحكم العقل ، فلا ريب على هذا أيضا عدم إمكان اجتماع جهتي الاستحقاق في مورد واحد ، بل ليس في العصيان الحقيقي إلّا جهة واحدة وهي المخالفة الحقيقية ، وليس في التجرّي أيضا إلّا جهة واحدة وهي المخالفة الخيالية ، ولا تجتمع المخالفة الحقيقية والخيالية جزما لكونهما متقابلتين ، هذا.
ولكن الذي يظهر من المصنف أنّه سلّم تعدد الموجب للعقاب في العصيان الحقيقي على القول بحرمة التجرّي والتزم بتعدد العقاب عليه كما يكشف عنه :
قوله : ولم يعلم معنى محصّل لهذا الكلام ـ إلى قوله ـ : لا وجه للتداخل إن أريد به وحدة العقاب فإنّه ترجيح بلا مرجّح ، إلى آخر ما ذكره (١).
(١) إن أراد صاحب الفصول بالتداخل ما أشرنا إليه من كونه من قبيل تداخل الأسباب أو من قبيل تداخل المسبّبات ، فليس هناك ترجيح حتى يكون بلا مرجّح ، بل يكون معنى التداخل على الأوّل أنّ السببين يؤثّران أثرا واحدا كما
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤٥.