قوله : نعم يمكن أن يقال إنّ مقتضى عموم وجوب المعرفة مثل قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(١).
(١) ما لفّقه من الآيات والأخبار على وجوب المعارف لا تدل إلّا على وجوب معرفة ما في الجملة ، أما تفاصيل المعارف على ما هو مذكور في محلّها فاستنباط وجوبها من هذه الأدلة وأضرابها دونه خرط القتاد.
ثم إن ثبت من هذه الآيات والأخبار وجوب جميع المعارف كان الوجوب المستفاد منها وجوبا مطلقا فأين الواجب المشروط الذي تعقله لأجل معرفة أنّ الظن يقوم مقام العلم فيه أم لا ، والحق والتحقيق أنّ الواجب من المعرفة ليس إلّا ما يعتبر في الإسلام أو الإيمان وضعا كما سيأتي في المتن ، وأما وجوب أمر زائد على ذلك تكليفا غير معتبر في الإسلام والإيمان الذي هو موضوع أحكام خاصة في الشرع فلا لعدم قيام دليل على ذلك.
وربما يقال بوجوب معرفة جميع المعارف من باب وجوب الاعتقاد بجميع ما جاء به النبي (صلىاللهعليهوآله).
وفيه : أنّ هذا المعنى لا يختص بالأصول بل يجب الاعتقاد بما جاء به النبي (صلىاللهعليهوآله) في الفروع أيضا ، مضافا إلى أنّ هذا لا يلازم معرفة
__________________
يظهر من المتن في كلامه الآتي.
وبالجملة : إن كان الشرط وجود طريق شرعي إلى ما يعتقد ويتديّن به سواء كان هو العلم أو ما يقوم مقامه يكون الظن الخبري بعد إثبات حجية الخبر نافعا فيما أراده ، وكيف كان لا نجد في الأدلة ما يفيد وجوب المعارف أو بعضها بالوجوب المشروط بأيّ معنى فرض كما ستعرف ، لأنّ كلما دل دليل على وجوبه فإنّما يدل على وجوبه مطلقا غير مشروط بشيء ، نعم ربما نلتزم بحرمة إنكار المكلف ما عرفه منها وهو أمر آخر.
(١) فرائد الأصول ١ : ٥٥٩.