الاحتياط في المسألة الفرعية فيما كان الأصل فيه الاحتياط كالتكليف المردد بين المتباينين لعدم جواز طرحه من غير دليل لا محذور فيه أصلا ، ولا يلزم من العمل بهذا المجموع حرج قطعا ، هذا.
ولكن قول المصنف (رحمهالله) بسقوط الاستصحاب المخالف للعلم الإجمالي بوجود الدليل على الخلاف مخالف للتحقيق على ما مرّ في مبحث القطع مفصّلا ، وقد صرّح هو بنفسه بخلافه في مواضع أخر ، ومع ذلك أيضا نقول نعمل بالاستصحاب المخالفة منضمّا إلى العمل بالطرق وأصالة الاحتياط في المسألة الفرعية ، ولا يلزم من ذلك كله محذور الحرج لقلة موارد الاستصحاب المثبت للتكليف المخالف لمؤدى الطرق في الغاية ، وإنّما لزم الحرج في الاحتياط التام بالنسبة إلى المسائل الفرعية لمكان الاحتمالات الكثيرة التي لم يؤد إليها طريق لا موافقا ولا مخالفا ، وكذا رعاية الاحتياط في الاحتمالات التي قام الطريق بنفي التكليف فيها وهي كثيرة أيضا ، فإذا أخرج هاتين الطائفتين من بين المحتملات لا يلزم من العمل بالبقية حرج قطعا.
بقي هنا شيء وهو أنّ المراد بالاحتياط في العمل بالطرق المشكوكة الحجية ما هو ، فنقول : إنّه يحتمل وجهين :
الأول : أن يؤخذ بالأمارات التي لا معارض لها مطلقا سواء كانت مما تثبت التكليف أو تكون نافية له ، وأما الأمارات المثبتة للتكليف التي تعارضها أمارات أخر نافية له فمقتضى الاحتياط فيها الأخذ بالأمارات المثبتة لا النافية ، إذ الأمارات النافية لا تنافي العمل بالأمارات المثبتة ، لأنّ مفادها عدم الوجوب وعدم الحرمة مثلا ولا محذور في فعل غير الواجب وترك غير الحرام ، ولو عمل بالأمارات النافية في الفرض المذكور لزم طرح الأمارات المثبتة وهو مخالف