تقدير التخلّف عن الواقع ، وتظهر الثمرة فيما إذا ترك المقلّد واجبا واقعيا قد أفتى مجتهده بعدم وجوبه وكان تركه مستندا إلى ترك التقليد لا إلى فتوى المجتهد ، فإنّه يكون آثما معاقبا على ترك الواجب على المختار ، لأنّه لم يأت بالواجب الواقعي ولا بالعذر ، وأمّا بناء على كون مؤدّيات الأدلّة أحكاما مجعولة فقد وافق فعله حكما شرعيا ثانويّا ولا يعاقب على ترك الواجب الواقعي.
الثالث : أنّ قوله : إذا التفت إلى حكم ... قيد زائد في الكلام ، إذ الأقسام لا تنفكّ عن الالتفات جزما ، ولعلّ القيد توضيحي ، ولو قال إنّ المكلف إمّا قاطع أو ظانّ أو شاكّ كفى في مقصوده.
وقد يقال : إنّ قيد الالتفات لإخراج الغافل وحكمه الشرعي بأنّه معاقب إن كان مقصّرا ، ويجاب بأنّ العقاب وعدم العقاب في حق الغافل ليس من الأحكام التي يكون استنباطها وظيفة للمكلّف ، ولا يثمر ثمرة ، هذا.
ولا يخفى أنّ التوجيه وجوابه غير ملائم للمقام ، لأنّ المصنّف بصدد بيان الأقسام المذكورة لا غيرها مثل الغافل وحكمه.
قوله : وهي منحصرة في الأربعة (١).
(١) ظاهر التعليل أنّ الحصر عقليّ لترديده بين الإثبات والنفي ، لكنّه فاسد لأنّه إن أراد حصر نفس الأصول في أربعة على ما هو صريح كلامه هنا وظاهر عبارته في أوّل رسالة أصل البراءة عقلا ، ففيه أنّه يمكن للشارع جعل أصول أخر أيضا لموارد الشكوك قطعا لا محذور فيه أصلا ، غاية ما في الباب أنّه لم يقع ، فليحمل الكلام على إرادة الحصر الاستقرائي وإن كان خلاف الظاهر من
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٥.