العبارة ، ولا بأس به لتصحيح الكلام ، إلّا أنّه لا يتمّ أيضا لأنّا وجدنا بالاستقراء أصولا أخر مجعولة في الشرع مثل قاعدة الطهارة وقاعدة التسامح في أدلّة السنن بناء على أنّه من الأصول المجعولة لبيان حكم الشكّ كما هو الأظهر ، وقاعدة أصالة الحرمة في اللّحوم حتى بالنسبة إلى الشبهة الحكميّة على مختار جمع ، وأصالة التوقف وغير ذلك مما يظفر بها المتتبّع. والاعتذار بأنّ مراد المصنّف حصر الأصول العامّة الجارية في سائر أبواب الفقه في الأربعة ، وغيرها مما ذكر لا يجري إلّا في بعض الأبواب ، مندفع بأنّه لا وجه لهذا التخصيص ، إذ المجتهد باحث عن جميع الأبواب وبصدد استنباط حكم جميع الوقائع كما لا يخفى.
وإن أراد حصر موارد الأصول ومجاريها في هذه الأربعة عقلا كما هو محتمل عبارته في رسالة أصل البراءة ، ففيه منع الحصر أيضا عقلا في هذه الأربعة ، لأنّ قوله وعلى الأوّل إمّا أن يكون الشك في التكليف أو في المكلّف به ، يقال له هنا وسائط.
منها : الشك في الأحكام الوضعية. فإن قلت : إنّ المصنّف منكر لها رأسا فلا نقض بها عليه. قلنا : هي داخلة في مجاري الاستصحاب عند المصنّف ، فإنّه يجري الاستصحاب في الأحكام الوضعية في الفقه لترتيب آثارها الشرعية فلا يظهر وجه لإخراجها في غير مجرى الاستصحاب ، اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه أخطأ في إجراء الاستصحاب في ذلك المقام على مذاقه.
ومنها : الشك في الأحكام غير الالزاميّة كالشكّ في استحباب شيء أو كراهته أو إباحته ، إذ المراد بالشكّ في التكليف على ما صرّح به في رسالة أصل البراءة هو الشكّ في الحكم الإلزاميّ ، وإن أراد بالتكليف هنا مطلق الحكم