وأما القول بوجوب العمل بأخبار الآحاد مطلقا حتى من غير الكتب المعروفة ومن غير اعتبار عدالة الراوي أو عمل الأصحاب مثلا فلا نعرفه لأحد من الإمامية ، نعم هو محكي عن الحشوية.
فإن قلت : إنّ إنكار السيد وأتباعه للعمل بأخبار الآحاد مطلقا ينافي ما ذكر من دعوى الإجماع وضرورة المذهب على العمل بالأخبار المدوّنة في الكتب المعروفة.
قلت : إنّ السيد وأتباعه أيضا يعملون بالأخبار المذكورة لكن بدعوى احتفاف جملة منها بالقرائن الموجبة للقطع وإن كنا لم نجد تلك القرائن أو نخطّئهم فيها ، لكن لا كلام في عملهم بها فلا منافاة.
قوله : فقد ذهب شرذمة من متأخري الأخباريين فيما نسب إليهم إلى كونها قطعية الصدور (١).
(١) تمسّكوا فيما ذهبوا إليه بوجوه كثيرة متقاربة : أقواها أنّه قد ثبت عندنا أنّ أصحاب الأئمة (عليهمالسلام) قد بالغوا أشدّ المبالغة في أخذ الأحاديث من مأخذها وتدوينها مخافة طروّ النسيان ولو في بعض خصوصياتها ، وربما كانوا يكتبونها في مجلس الإمام (عليهالسلام) لذلك حتى إذا اجتمعت عند أحدهم أحاديث كثيرة جعله كتابا سماه أصلا ، ومن ذلك الأصول الأربعمائة المعتبرة المعروفة ، وهكذا كان حال من يأخذ الأخبار من هذه الأصول قد بذلوا وسعهم في نسخها ومقابلتها وحفظها وهكذا إلى أن آل الأمر إلى أصحاب الكتب الأربعة وأضرابهم ، فإنّهم أخذوا من تلك الأصول حتى أنّ الصدوق ادّعى أنّه كان عنده بعض تلك الأصول بخط مؤلفه ، وكان بعض الأصول المزبورة قد عرض على
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٣٩.