قوله : الثاني ما يجب الاعتقاد والتدين به إذا اتفق حصول العلم به (١).
(١) يمكن تصوير هذا القسم بأحد وجهين :
الأول : أن يقال إنّه يجب الاعتقاد بما في نفس الأمر من المعارف في مثل الصراط وأنه جسر على جهنّم بأوصاف خاصة والميزان له علاقة وشاهين وكفتان إلى غير ذلك بشرط حصول العلم بهذه الأمور بوجه من الوجوه.
وبعبارة أخرى : إنّ أراد المكلف أن يعتقد اعتقادا متعلقا بأحد هذه الأمور فيجب أن يعتقد ما هو الحق منها لا خلافه ، فإن لم يعتقد بشيء كان ذلك له ، وإن اعتقد بما هو الحق منها فقد أدّى تكليفه ، وإن اعتقد خلاف الحق فقد خالف الواجب عليه من التكليف معذورا وغير معذور باعتبار تقصيره أو عدم تقصيره ، وذلك لعدم حصول شرط التكليف في الأول بخلاف الأخيرين.
الثاني : أن يقال : إنّه يجب الاعتقاد بهذه المعارف يعني التدين بها بشرط حصول العلم بها ، فما لم يحصل العلم بها ليس على المكلف شيء لعدم حصول شرط الوجوب ، سواء كان ذلك بعدم حصول علم له أصلا بل كان غافلا أو صارفا نفسه عن العلم بهذه الأمور أو علم بخلاف ما هو في نفس الأمر ، وإن كان المكلف يتخيل في نفسه في صورة العلم بالخلاف أنّ هذا هو الواقع ويجب التدين به ، لكن لمّا كان علمه جهلا مركبا لم يحصل شرط التكليف في الواقع ، وأما إذا حصل له العلم بالواقع علما مطابقا يجب التدين به.
والفرق بين الوجهين أنّ شرط الوجوب في الثاني نفس العلم بالواقع
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٥٥٦.