والواجب هو التدين والالتزام وشرط الوجوب في الأول اعتقاد ما ، والواجب هو الاعتقاد الحق ، ويمكن تصوير وجوب التدين أيضا على الوجه الأول بأن يقول الشارع مثلا إن تديّنت فتدين بما هو الحق في هذه المعارف ، وأما وجوب الاعتقاد على الوجه الثاني فغير معقول ، إذ يصير هكذا إن اعتقدت الحق فاعتقد بالحق ، ولا يعقل إيجاب الشيء بعد حصوله ، ولكن المصنف جمع بين وجوب الاعتقاد والتدين كليهما وقد عرفت في صدر كلامه أنّه يريد وجوب أمرين لا أنّ أحدهما عطف تفسير للآخر ، فالأنسب بكلامه أن يريد الوجه الأول ليمكن تصويرهما على نسق واحد ، فليتأمل جيدا.
قوله : وإن أرادوا التدين به الذي ذكرنا وجوبه في الاعتقاديات (١).
(١) كلامه هذا صريح فيما ذكرنا من أنّ مراده من التدين هو الاعتراف باللسان عما اعتقده ، لكنا نقول إن كان شرط وجوب التدين خصوص العلم فمن المعلوم عدم حصول العلم بعد قيام الدليل القطعي على حجية خبر الواحد أيضا ، وإن كان الشرط حصول مطلق الاعتقاد أعم من العلم والظن فيلزم وجوب التدين وإن حصل الظن من مثل دليل الانسداد ، ولا يختص ما ذكره بالظن الخاص ، وإن كان الشرط أحد الأمرين من العلم أو الظن الحاصل من الخبر فالأمر كما ذكره ، لكنه لا يحتاج إلى دليل حجية الخبر لتحقق الشرط بدونه ، والظاهر أنّه لا يقول به المصنف ولا غيره وخلاف ما صدّر به البحث من جعل الشرط خصوص العلم كما لا يخفى (٢).
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٥٥٧.
(٢) أقول : لا منافاة بينهما فإنّ دليل حجية الخبر يجعل مؤداه واقعا تنزيليا والعلم به علما بالواقع تنزيلا ، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ الشرط صفة القطع الحقيقي خاصة لا التنزيلي كما