بالتفصيل على ما سيأتي في المتن ، وهي وجوه :
الأول : الأصل ، وهو يتمّ لو جعلنا المسألة فقهية ، إذ الأصل فيما اشتبه حكمه البراءة من التكليف عند جمهور الأصوليين ، وأما لو جعلناها كلامية فلا أصل هناك ، لأنّ الاستحقاق وعدم الاستحقاق كلاهما يحتاج إلى دليل ، وإن جعلناها أصولية فمن حيث نفس الحكم بالقبح وعدمه لا أصل كما لو جعلناها كلامية ، ومن حيث الأثر المقصود منها فالأصل البراءة كما لو جعلنا المسألة فقهية.
أقول : لا أصل في الحقيقة في المسألة الأصولية ، وجريانه في الأثر المقصود يرجع إلى الحكم الفرعي.
الثاني : أنّ الفعل المتجرّي به مثل شرب الماء باعتقاد أنّه خمر غير قبيح ذاتا ، ولا يكون فاعله مستحقا للعقاب في نفسه ، واعتقاد قبحه وأنّه يوجب الاستحقاق لا يؤثّر في ذات الفعل بأن يصير سببا لاستحقاق العقاب والقبح ، فهو باق على ما هو عليه بالذات وهو المطلوب.
وفيه : أنّ الخصم يدّعي كونه سببا لاستحقاق العقاب عليه بسبب طروّ عنوان آخر غير عنوانه الأولي ، يعني عنوان التجرّي ، ولا منافاة بين كون الفعل مباحا بل مندوبا بعنوانه الأولي لو خلّي ونفسه ومحرّما بسبب عنوانه الثانوي ، كمقدمات الحرام إذا لم تكن محرّمة بالذات وكالتشريع على ما مرّ بيانه عن قريب ، فإنّ الفعل على وجه التشريع لا قبح فيه في ذاته بل بعنوان التشريع.
الثالث : ما مرّ سابقا من عدم معقولية تشريع حرمة التجرّي لوجوه ثلاثة :
أحدها : لزوم اجتماع المثلين بكون الشيء حراما في نفسه وباعتبار تعلّق القطع به أيضا. ومرّ جوابه بأنّ الموضوع متعدّد.