ينحصر الأمر في احتمال واحد ، وإلّا خرج الدليل عن كونه دليلا عقليا كما لا يخفى ، وحينئذ نقول الصحيح في تقرير الكشف أن يقال لما علمنا أنّ الشارع نصب لنا طريقا لامتثال أحكامه لمكان وجوب النصب عليه أو العلم بتحققه ، وتردد بين أن يكون الطريق المنصوب هو الظن لحكمة أقربيته إلى الواقع أو يكون غيره لحكمة لا نعرفها ، يحكم العقل بأنّ الأخذ بالظن أرجح من غيره ، فكأنه استكشف العقل أنّ الطريق المجعول هو الظن ظاهرا لمناط الأرجحية ، وهذا في الحقيقة يرجع إلى ترجيح التعيين على التخيير ، إذ لا يعلم في الظاهر أنّ المرجع ما هو من التخيير بين الظن وغيره أو خصوص الظن معيّنا ، والعقل يحكم بلزوم التعيين في الظاهر.
لكن لا يخفى أنّ هذا الوجه يرجع إلى الحكومة حقيقة مع توسيط مقدمة غير نافعة بوجه أعني وجود طريق منصوب من الشارع واقعا لا نعرفه بعينه ، كما أنّ تقرير الحكومة أيضا يرجع إلى الحكم العقلي الظاهري المذكور بتعيين الظن ، لأنّه على هذا التقرير وإن لم نعلم النصب ولكن نحتمله ، وليس النصب مقطوع العدم فيدور الأمر بين عدم النصب أصلا أو نصب الظن أو غيره ، فيحكم العقل بأرجحية الأخذ بالظن في الظاهر وجعل العمل مطابقا له.
وبذلك يظهر عدم الفرق بين التقريرين في تعميم النتيجة أو إهمالها من حيث الأسباب والمراتب ، وقد عرفت أنّ العقل يحكم بالتعميم بحسب المراتب بملاك أقربية الظن إلى الواقع ، وأنّه ليس في كل مسألة إلّا ظن واحد وهو أرجح من غيره ، وأما من حيث الأسباب فالحق أنّه لا عموم فيه حتى بناء على الحكومة أيضا ، إذ يمكن بل يظن أنّ العقل يفرق بين الأسباب ويحكم بوجوب متابعة الظنون الحاصلة من الأسباب المتعارفة لا الحاصلة من مثل الرؤيا والاستخارة فإنها كالشك في حكم العقل والعقلاء ، بل نقول لو أجري دليل