مخالفا لحكمه الواقعي حتى يحصل التناقض بينه وبين الحكم الواقعي بل أبدع له أن يعتذر إلى الشارع فيما إذا كان قطعه مطابقا للواقع وترك العمل عليه بأنّك منعتني عن العمل بقطعي ، فلا بدّ أن يقبل عذره ولا يعاقبه على تلك المخالفة.
فإن قلت : فرق بين القطع وغيره من الأصول والأدلّة الظنّية ، لأنّ القاطع قد انكشف عنده الواقع لا يمكن اعتذاره بغير إتيان الواقع وإلّا لم يكن مكلّفا به ، بخلاف غيره فإنّه لمّا كان الواقع مستورا عنه جاز أن يجعل له عذرا يعتذر به ، وحينئذ فلو منع الشارع القاطع عن العمل بقطعه يلزم التناقض.
وبوجه آخر مقام ثبوت الحكم الواقعي يغاير مقام ثبوت التنجّز في غير القطع من الأصول والأمارات والأدلّة الظنّية ، ضرورة ثبوت الأحكام الواقعيّة مطلقا حتى بالنسبة إلى الجاهل بها لبطلان التصويب إلّا أنّه ليست منجزة على الجاهل ، فيجوز جعل أصل أو أمارة أو دليل ظنّي في مقام إثبات التنجّز ، وهذا بخلاف القطع فإنّ مقام ثبوت الحكم الواقعي عين مقام ثبوت التنجّز لفرض القطع بالحكم.
وبعبارة أخرى الحكم الواقعي في غير القطع يغاير الحكم الظاهري ، بخلافه في المقطوع به فإنّ الحكم الظاهري عين الواقعي والحكم الواقعي عين الظاهري ، وحينئذ فمنع العمل بالقطع يستلزم التناقض.
قلت : بعد ما حقّقنا لك من أنّ حكم العقل بوجوب متابعة القطع معلّق على عدم منع الشارع عن العمل به ، لا يبقى مجال لهذا الاعتراض بتقريراته الثلاثة ، لأنه يجوز أن يعتذر المكلّف على مخالفة الحكم الواقعي على زعمه بمنع الشارع عن العمل بقطعه وأن الواقع غير منجّز عليه بعد منع الشارع ، إذ القطع ليس منجّزا للتكليف مطلقا بل في حال عدم المنع ، ومن الواضح أنّه لا تناقض حينئذ في