نحن فيه من هذا القبيل ، انتهى كلامه (رحمهالله) (١).
وفي كلا الجوابين نظر أما الأول ، فلأنّا وإن سلّمنا انحصار التكليف الفعلي المنجّز بالواقع على حسب تأدية الطرق ، لكن نقول إنّ العلم الإجمالي طريق للواقع ، فالواقع الموجود بين الأطراف مكلّف به لأنّه مؤدّى الطريق الأصلي الحقيقي بعد فرض أنّ العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي منجّز للتكليف وهو في كمال الوضوح.
وأما الثاني ففيه :
أوّلا : أنّه خلاف ما صرّح هو به في الشبهة المحصورة في مسألة ما لو اضطرّ إلى ارتكاب أحد الإناءين معيّنا ، فقد فصّل هناك بين ما لو كان الاضطرار سابقا على العلم الإجمالي فالعلم الإجمالي لا يؤثر وجوب الاحتياط بالنسبة إلى الإناء الآخر كما ذكر هنا ، وبين ما كان العلم الإجمالي سابقا على الاضطرار فيؤثّر لزوم الاحتياط في الطرف الآخر ، وما نحن فيه من قبيل الثاني فيبقى حكم العلم من وجوب الاحتياط بمقتضى هذا التحقيق.
وثانيا : أنّه إن أريد زوال العلم الإجمالي بثبوت التكليف في بعض الأطراف وأنّه موجب لرفع حكم العلم الإجمالي بارتفاع موضوعه يرد عليه : أنّ حكم العلم الإجمالي باق إلى أن يعلم بالموافقة ، ولو كان زوال صفة العلم كافيا في رفع حكمه لزم الاكتفاء بإتيان أحد المحتملات في الواجب المردد بين أمور.
وبالجملة : هذا الوجه متّضح الفساد قد صرّح هو بخلافه في مسألة ما لو خرج أحد أطراف الشبهة عن محل الابتلاء فإنه زال العلم الإجمالي فيه مع أنّه
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٨٨ ـ ٩٠.