السّنن الخاطئة والتقاليد الزائفة ، التي كانوا عليها مَحَقت القُبح من هذه الجريمة النّكراء ، وجعلت منها فضيلةً.
وبالنّسبة لوأد البنات الفضيع ، جاء في بعض التّفاسير : أنّ البعض من هؤلاء الجاهلين ، كانوا يستخدمون اسلوب الدّفن للبنات ، وبعض يغرقونهن ، والبعض الآخر كانوا يفضّلون رميهنّ من أعلى الجبل ، وقسم آخر كانوا يذبحون بناتهم (١) ، وأمّا بالنسبة لظهور هذا الأمر عند العرب ، وتأريخه والدافع الأصلي له ، فقد وردت أبحاثٌ مفصّلة لا يسع المقام لذكرها الآن (٢).
والكلام في كيفيّة تمهيد الطريق للرذائل الأخلاقيّة ، من خلال تلك السّنن الخاطئة ، والعادات الزّائفة ، وكيف تحلّ الرذائل مكان الفضائل ، هو دليلٌ وشاهدٌ آخر على أنّ الثّقافة تُعتبر من الدّواعي المهمّة لتفعيل عناصر الفضيلة ، أو تقوية قوى الإنحراف والرذيلة ، في واقع الإنسان ، وبالتّالي فإنّ أوّل ما يتوجب على المصلحين ، في حركتهم الإصلاحية ، هو إصلاح ثقافة المجتمع والسير بها في خط العقل والدّين.
ونرى في عصرنا الحاضر ثقافات زائفة ، لا تتحرك بعيداً عمّا كان في عهد الجاهليّة ، حيث أضحت مصدراً لأنواع الرذائل الأخلاقيّة في حركة الحياة الإجتماعية ، وقد إنعقد في السّنوات الأخيرة مؤتمراً عالمياً في بكين عاصمة الصين ، وشارك فيه أغلب دول العالم ، ونادى فيه المشاركون بالعمل لتثبيت ثلاثة اصول ، وأصرّوا عليها من موقع إحترام حقّ الإنسان وهي :
١ ـ حريّة العلاقات الجنسيّة للمرأة.
٢ ـ الجنسيّة المثليّة.
٣ ـ حرّية إسقاط الجنين.
وقد واجهت هذه الامور معارضةً شديدةً من قبل بعض الدول الإسلامية ، ومنها الجمهورية الإسلامية.
ومن الطبيعي ، عند ما يُدافع نواب الدّول المتحضّرة عن مثل هذه الامور الشنيعة ، تحت
__________________
١ ـ تفسير روح المعاني ، ج ١٤ ، ص ١٥٤ ، في ذيل الآية المبحوثة.
٢ ـ تفسير الأمثل ، ذيل الآية ٥٨ من سورة النحل.