بمعنى أنّ الأعمال القبيحة ، بإمكانها أن توجد تغييرات وتحولات كبيرة ، في قلب الإنسان وروحه ، فهي كالصّدأ الذي يحجب نورانيّة وصفاء المرآة ويكدّرها.
فالرّذيلة تُقسّي القلب وتسلبه الحَياء ، في مقابل الذّنب ، فيغلب عليه الشّقاء والظّلمة ، أمّا «الرّين» على وزن «عين» ، فهو الصّدأ يعلو على الأشياء الثمينة ، نتيجةً لرطوبة الجوّ ، فيكوّن طبقةً حمراء تُغطّي ذلك الشّيء ، وهو علامة على فساد ذلك الفِلِز.
فإختيار هذا التعبير هو إختيار مُناسب جدّاً ، حيث أكدت عليه الرّوايات الإسلامية ، مراراً وتكراراً ، وبحثنا الآتي سيكون حول هذا الموضوع.
وفي «الآية الثانية» : تعدّت مرحلة الرّين وأشارت إلى مرحلة «التّزيين» ، وبناءً عليه فالتكرار لعملٍ ما ، يبعث على تزيينه في عين الإنسان ونظره ، وتتوافق معه النفس الإنسانية ، لدرجةٍ يعتبره الإنسان من المواهب والإفتخارات التي يتميز بها على الآخرين ، فيقول الله تعالى : (كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
فجملة : (عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ، وكذلك «المسرفين» ، هي دليلٌ واضحٌ على تكرارِ الذّنب من قبلهم ، فالتّكرار لها ، لا يمحو قُبحها فقط ، بل وبالتّدريج ستتحول الخطيئة إلى فضيلةٍ في نظرهم ، وهذا يعني في الحقيقة المسخ لشخصيّة الإنسان ، وهو من النتائج المشؤومة لتكرار الذّنوب.
وهناك خلافٌ حول الفاعل ، الذي يزيّن لهؤلاء الأفراد أعمالهم القبيحة ...
فقد ورد في بعض الآيات الكريمة ، إنتساب ذلك الفعل إلى الباري تعالى ، وإعتبره كعقابٍ لهم ، لأنّهم أصرّوا على الذّنوب ، فالتّزيين هو إستدراج لهم ، وليذوقوا وبال أعمالهم فقال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ)(١).
وفي الآية (٤٣) من سورة الأنعام ، نسب ذلك الفعل للشّيطان الرّجيم ، فيقول عن الكفّار
__________________
١ ـ سورة النمل ، الآية ٤.