فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً).
ومن المؤكد أنّ مثل هذا العمل والزرع ، لن يثمر أو يورق ، فكذلك سبحانه وتعالى ، لا يهدي من ينطلق في تعامله مع الله تعالى من موقع الرّياء والكفر ، (لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ).
فعرّفت الآية مثل هؤلاء الأفراد بالمرائين الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، ومرّة اخرى عرّفتهم بالكافرين ، الذين تتحرك أعمالهم كالسّراب المخادع ، الذي لا قيمة له ، لأنّهم بذروا أعمالهم في أرض الرّياء السّبخة التي لا تصلح للزراعة ، ويوجد إحتمال آخر في تفسير الآية ، وهو أنّ المرائي نفسه بمثابة قطعة الصّخر ، التي لا يثبت عليها التراب ، ولا يفيد معه أيّ بذرٍ من بذور الخير والصّلاح.
نعم! فأرواحهم مريضةٌ وأعمالهم عقيمة ، لا تقوم على أساس من الخير ، ونيّاتهم مشوبة بدرن الرّياء والشّرك الخَفي.
واللّطيف : أنّ الآية التي تلتها في سورة البقرة ، شبّهت أعمال المخلصين ، بجُنينةٍ لا بذور فيها إلّا بذور الصّلاح ، فأصابها وابلٌ فنبتت نَباتاً حسناً ، فأثمرت ثمراً مضاعفاً ومُباركاً فيها.
«الآية الثانية» : خاطبت الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وأمرته بإيصال التّوحيد الخالص للنّاس ، إنسجاماً مع خطّ الرّسالة ، وبإعتبار أَنَّ التّوحيدَ أصلٌ أساسي في الإسلام : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).
وبذلك يستوحي المؤمن من جو الآية الكريمة ، أنّ الأعمال يجب أن تكون خالصةً ومنزّهةً من أدران الشّرك : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).
وعليه فإنّ الشّرك في العبادة ، يهدم أساس التّوحيد ، والإعتقاد بالمعاد في حركة الإنسان والحياة ، أو بتعبيرٍ أدق : فإنّ جواز السّفر إلى الجنّة الخالدة ، يتمثل بِخُلوص العمل في دائرة السّلوك والنيّة.
وجاء في شأن نزول الآية : قال إبن عباس : أنّها نزلت في جُندب بن زهير العامري ، قال : يا