رسول الله إنّي أعمل العمل لله تعالى ، واريد به وجه الله تعالى ، إلّا أنّه إذا إطّلع عليه أحد من الناس سرّني ؛ فقال النّبي صلىاللهعليهوآله : «إنَّ اللهَ طَيِّبٌ وَلا يَقْبَلُ إِلّا الطَّيِّبَ وَلا يَقْبَلُ ما شُورِكَ فِيهِ» (١).
وجاء في شأن نزول الآية أيضاً ، قال طاووس : قال رجل : يا رسول لله! إني احبّ الجهاد في سبيل الله تعالى واحبّ أن يرى مكاني ، فنزلت الآية. (٢)
وَوَرد مثل هذا المضمون بالنّسبة للإنفاق وصِلة الرّحم (٣) ، وتبيّن أنّ الآية الآنفة : نزلت بعد الأسئلة المختلفة ، في الأعمال المشوبة بغير الأهداف الإلهيّة ، وقد إعتبرت المُرائي على حدّ من يعيش حالة الشّرك بالله والشّخص الذي لا إيمان له بالآخرة.
ونقرأ في حديثٍ آخر ، عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : «مَنْ صَلّى يُرائي فَقَدْ أَشرَكَ ، وَمَنْ صامَ يُرائِي فَقَدْ أَشرَكَ ، وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرائي فَقَدْ أَشرَكَ ، ثُمَّ قَرَأ : فَمَنْ كانَ يَرجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ...» (٤).
«الآية الثّالثة» : بيّنت أنّ الرّياء هو من فعل المنافقين : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً).
والجدير بالذكر أنّ النّفاق عبارةٌ عن إزدواجية الظّاهر والباطن ، وكذلك الرّياء فهو إزدواجية الظاهر والباطن ، حيث يتحرك المرائي في أعماله لجلب الأنظار ، فمن الطّبيعي أن يكون الرّياء من برامج المنافقين.
«الآية الرابعة» : إعتبرت الأعمال التي ينطلق بها الإنسان من موقع الرّياء ، مساويةٌ لعدم الإيمان بالله تعالى واليوم الأخر : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً).
وعليه فإنّ المرائين هم أصحاب الشيطان ، الذين يفتقدون الإيمان الحقيقي بالمبدأ والمعاد.
__________________
١ ـ تفسير القُرطبي ، ج ١١ ، ص ٦٩.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ المصدر السابق.
٤ ـ الدر المنثور ، (طبقاً لتفسير الميزان ، ج ١٣ ، ص ٤٠٧).