«الآية الخامسة» : تنهى المسلمين من التشبّه بأعمال المشركين الكفّار ، الذين لا يفعلون شيئاً إلّا للرياء والتّفاخر فقط : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
فطبقاً للقرائن والشواهد الموجودة ، وتصديق المفسّرين ، فإنّ هذه تشير إلى خروج المشركين من قريش في يوم بَدر ، بحليّهم وزينتهم وقد جلبوا معهم آلات الطّرب واللّعب واللهو والنبّيذ ، وهم يقصدون جلب أنظار أصحابهم من المشركين الوثنيين.
وجاء في بعض التّفاسير ، أنّ منطقة بدر ، كانت تعتبر من المراكز التّجارية لعرب الجاهليّة في وقتها ، وأنّ أبا جهل جاء بوسائل الطرب والجواري ، لغرض مُراءاة النّاس ، وفَقْأ العيون كما يقول المثل الشّائع.
وعلى كلّ حال ، فإنّ القرآن الكريم قد نهى المؤمنين من أمثال هذه الأعمال الشائنة ، ودعاهم إلى ترويض النّفس بالإخلاص والتّقوى ، للتغلب على تلك الحالات النفّسية الخطرة ، وأن لا ينسوا مصير المُرائين وأتباع الشّيطان في معركة بدر.
«والآية الأخيرة» : من الآيات مورد البحث ، نجدها تذّم الرّياء ولكن بصورة اخرى فتقول : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ* وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ).
فقد جاءت كلمة «الويل» ، في (٢٧) مورداً من القرآن ، وإختصّت في الأغلب بالذّنوب الكبيرة الخطرة جدّاً ، وهنا تحكي عن شدّة قُبح ذلك العمل في واقع الإنسان وروحه.
إنّ ما ورد في الآيات الآنفة الذكر ، يوضح إلى درجةٍ كبيرةٍ ، قُبحَ هذه الخطيئة ، وأخطارها وآثارها السلبيّة على سعادة الإنسان في حركة الحياة ، ومن الواضح فإنّ الرّياء يقف حَجرَ عثرةٍ في طريق تهذيب النّفس ، وطهارة القلب والرّوح للإنسان المؤمن.