الإنسان ، حتى وصل الأمر إلى السيّد المسيح عليهالسلام ، حيث كان القسم الأعظم من تعاليمه ، هو أبحاثٌ أخلاقيّةٌ ، فَنَعَته حواريّوه وأصحابه بالمعلِّم الأكبر للأخلاق.
ولكن أعظم مُعلِّمي الأخلاق ، هو : رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لأنّه رفع شعار : «إنّما بُعثت لُاتمّم مكارَم الأخلاق».
وقال عنه الباري تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(١).
ويوجد قديماً بعض الفَلاسفة ، مَنْ لُقّب بمعلّم الأخلاق ، مثل : إفلاطون ، وأرسطو ، وسُقراط ، وجَمعٌ آخر من فَلاسفة اليونان.
وعلى كلّ حال ، فإنّه وبعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإنّ الأئمّة عليهمالسلام هم أكبر معلّمي الأخلاق ، وذلك بشهادة الأحاديث التي نُقلت عنهم ، حيث ربّوا أشخاصاً بارزين يمكن أن يعتبر كلّ واحد منهم مُعلِّماً لعصرهِ.
فحياة المعصومين عليهمالسلام وأتباعهم ، هي خيرُ دليلٍ على سُمّو نفوسهم ، ورفعة أخلاقهم ، في حركة الواقع.
ويبقى السّؤال في أنّه متى تأسّس علم الأخلاق في الإسلام ، ومن هم مشاهيره؟. وهذا البحث مذكورٌ بالتّفصيل في الكتاب القيّم : تأسيس الشّيعة لعلوم الإسلام ، بقلم آية الله الشّهيد الصّدر قدسسره. ولا بأس بالإشارة إلى بعض ما جاء فيه ، حيث قسّم السيد الصدر الموضوع إلى ثلاثة أقسام :
أ ـ يقول إنّ أوّل من أسّس علم الأخلاق ، هو الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، (وذلك من خلال الرّسالة التي كتبها لإبنه الإمام الحسن عليهالسلام) بَعد رجوعه من صفّين ، حيث بيّن الاسس الأخلاقيّة ، وتطرق للمَلكات الفاضلة والصّفات الرذيلة ، وحلّلها بأحسن وجهٍ (٢).
ونقل هذهِ الرّسالة ، بالإضافة إلى السيّد الرّضي في نهج البلاغة ، الكثير من علماء الشّيعة أيضاً.
ونقلها كذلك بعض علماء أهل السُنّة ، مثل : أبو أحمد بن عبد الله العسكري ، في كتابه
__________________
١ ـ سورة القلم ، الآية ٤.
٢ ـ رسالة الامام السّجاد عليهالسلام الحقوقية ، ودعاء مكارم الأخلاق ، وكثير من الأدعية والمناجاة في طليعة الآثار الأخلاقية الإسلامية المعروفة ، بحيث لا يوازيها أثر ولا يصل إلى مقامها شيء.