علامات الإيمان بالله والمعاد.
الثاني : إنّ التّأكيد على هذا الأمر ، لا ينبع من حاجة الباري إليه ، بل هو من حاجة الإنسان إليه ، في مساره التّكاملي والمعنوي إلى الله تعالى ، ولحِفظ سَلامة المجتمع البشري في حركة الواقع والحياة.
«الآية الثّالثة» : ناظرةٌ إلى غَزوة الأحزاب ، وهي في الحقيقةِ تشيرُ إلى مُلاحظةٍ مُهمّةٍ جِدّاً ، ألا وهي : أنّ الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وبالرّغم من الأزمات النّفسية والتّحديات الصّعبة في تلك الظّروف ، وسوء ظنّ بعض المسلمين الجدد ، بالوعد الإلهي بالنّصر في ميادين الوَغى ، فإنّه بَقي صامِداً ينظّر لِلحرب ، ويستخدم أفضل التّكتيكات العسكريّة ، إنتظاراً لِلّحظة الحاسمة ، وكان ينتظر الفُرصة للإنقضاض على عدوّة ، فكان يَمزح مع أصحابه ليقوّي من معنوياتهم ، وأخذ المِعوَل بنفسه لِيحفُر الخَندق بيده ، ويُشجع أصحابه ويذكّرهم بالله تعالى وثوابه ، ويبشّرهم بالفتوحات المُقبلة العَظيمة.
وهذا الأمر تَسبّب في تماسك المسلمين ، ومقاومتهم أمامَ عدوّهم ، وجيشه الجرّار المتفوق عليهم بالعدّة والعَدَد ، بالتّالي الإنتصار عليهم ، فقال تعالى :
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً).
فالرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، لا يُتأَسّى به فقط في ميادين الجِهاد الأصغر ، بل وكذلك في ميادين الجِهاد الأكبر ، ألا وهو جهاد النّفس والتّصدي لِلأهواء المُضلّة ، من موقع المحاربة ، فَمن يتّخذِه اسوةً حسنةً في هذا المضمار ، فإنّه سيصل من أقرب الطّرق وأسرعها ، إلى غايته وهدفِه المَنشود.
والجدير بالذّكر ، أنّ هذه الآية ، علاوةً على ذكرها لِمسألة الإيمان بالله واليوم الآخر : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ...) ، أكّدت على ذِكر الله تعالى بجملة : (وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً). فهم يقتدون بقائدهم الربّاني ويستلهمون منه الإيمان ، وذِكر الله كثيراً حيث يحرك فيهم الذّكرُ