النبي عليهالسلام ، وأصحابه المخلصين ، وأنّهم اسوةٌ حسنةٌ للمؤمنين ، الذين يتحرّكون من موقع الرسالة : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ).
الاسوة «على وزن لُقمة» ، تحمل مَعْناً مصدرياً ، بمعنى التّأسي والاتّباع للآخرين ، وبمعنى آخر هو الإقتداء بالآخرين.
ومن البديهي أنّ هذا الأمر ، يمكن أن يكون على مُستوى الفضيلة أو الرّذيلة ، ولذلك فإنّ الآية الشّريفة ، عبّرت عن إبراهيم عليهالسلام بأنّه قدوةٌ حسنةٌ ، لأنّه قطع كلّ أواصر المحبة ووشائج الموّدة ، التي كانت بينه وبين قومه ، في سبيل عقيدته وتوحيده لله تعالى.
يقول «الرّاغب» في «مفرداته» ، إنّ كلمة «الأسى» على وَزن (عَصا) ، وهي بمعنى الغمّ والألم ، فكلمة اسوةٌ أخذت من هذه المادة ، ويقال لِلمصاب بمصيبةٍ : «لكَ بِفلانٍ اسوةٌ».
ولكنّ بعض أرباب اللّغة ، مثل : إبن فارس في «المقاييس» ، فصّل بين المعنيين ، فقال : «أنّ الأوّل ناقصٌ (واوي) ، والثّاني ناقصٌ (يائي)» ، وعلى كلّ حالٍ فإنّ القرآن المجيد ، حثّ المسلمين على مسألة : «الحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ» ، وجعل لهم إبراهيم عليهالسلام قدوةً ، لأنّ إختيار القدوة الصّالحة لحركة الإنسان ، في خطّ التّقوى والإيمان ، له دورٌ عميقٌ في طهارة روح الإنسان ، وأفكاره وسلوكياته.
وهذا هو ما يؤكّد عليه علماء والأخلاق ، في عمليّة السّير والسّلوك إلى الله ، فإنّ إختيار القدوة يُعدّ أهمَّ خطوةٍ لحركة الإنسان في طريق الرّقي.
«الآية الثانية» : إستمراراً لبحثنا الآنف الذّكر ، تتحدث عن إبراهيم عليهالسلام وصحبه ، فتقول :
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
وفرّق هذه الآية عن الّتي قبلها ، في أمرين :
الأوّل : إنّ هذه الآية أكّدت على مسألة : «الحُبُّ في اللهِ وَالبُغْضُ في اللهِ» ، بأنّها من